أليـوبـيل الذهبي + 3
لبَعـضٍ من نضال طلَبة العمارة
داود عبدالرحيم الرحمـاني
الإعتداء الثلاثي على مصر الشقيقة يعـتبر من أهم الأحداث الجِسام التي واجَهَـتها الأمة العربية خلال القرن الماضي (بعد نكبة فلسطين) فــقد استنكرتها الجماهير المنصِفة في كافة أرجاء المعمورة حيث خرجت بمسيرات وتظاهرات مستنكرة ذلك العدوان. ولم تكن جماهير العراق بأقل من غيرها في التعبير عن استهجانها لهذا الاعتداء على مصرالحبـيـبة. ولسنا الآن بصدد ردود الأفعال الأقليمية والعالمية فـقد تـناولتها الأقـلام بإسهابٍ وتمحيصٍ طوال خمسة عقود..ما سأتناوله الآن هو ما حدث في بلدتي(العِمارة الجميلة..فينيسيا العراق وماسته) من أحداث عشتها وعايشتها وتأثّرت بها وحُـفِرت في ذاكرتي بأدق تفاصيلها.. وقد تناولها الدكتور محمد كامل الربيعي ( باختصار ) في صحيفة ميسان \\ العـدد الصادر في26 \ 6 \ 2002
معتمداً على سردٍ استذكره عبدالزهره فالح الربيعي وهو أحد الطلبة الذين شاركوا في تلك الأحداث (واعتمدَ أيضاً) على مراسلاتٍ رسميةٍ أدرجت فيها أسماء الطلبة وكانوا 57 طالباً..أوقفوا و حوكموا ثم فصلوا من مدارسهم ( لما تبقى من العام الدراسي 56-1957 ) وذكر انهم سيقوا جميعاً الى ( معسكر راوندوز ) لأداء الخدمة العسكرية كَـجـنود.
معتمداً على سردٍ استذكره عبدالزهره فالح الربيعي وهو أحد الطلبة الذين شاركوا في تلك الأحداث (واعتمدَ أيضاً) على مراسلاتٍ رسميةٍ أدرجت فيها أسماء الطلبة وكانوا 57 طالباً..أوقفوا و حوكموا ثم فصلوا من مدارسهم ( لما تبقى من العام الدراسي 56-1957 ) وذكر انهم سيقوا جميعاً الى ( معسكر راوندوز ) لأداء الخدمة العسكرية كَـجـنود.
وَدَدتُ اليوم وَ من خلال هذه السطور ان أسلّـط الضوء على آخر تظاهرة احتجاج حدثت في المدينة!..ولربما كانت(حسب علمي) هي الأخيرة لغاية 9 نيسان2003! ولم أسمع بعد تلك التظاهرة (في العمارة) إلاّ بمسيراتٍ لتأ ييد الأنظمة التي تعاقبت بعد 14 تموز 1958 سوى تظاهرة واحدة شَهِدَتها المدينة و(شاهَدتُها أنا) نهاية عام 1958 ولم تكن احتجاجاً على النظام بل كانت احتجاجاً على
شخص ألمتصرف (المحافظ) كرد فعل على اغتيال صاحب الخصّاف على يد الشيخ ( أبو ريشه الخليفه)... خرجت الجموع لثلاثة أيام تهـوّسْ :- ( شِـنهو ذَنبه هالشباب الشايلينه... والمصرّف ألف مرّه مراجعينه) وهوسة أخرى تقول :- (عدنه مصرّف خاين ونريد جَـرّه بِحبال!؟).. وقد كان متصرّف العمارة حينئِذٍ هو الأستاذ عبدالهادي صالح ( رحم الله العم أبا مهدي كم كان وطنيّ وإداريّ قويّ حكيم كيِّس).. نعـود الى تظاهرتنا التي حدثت في ضحى31 ك1-1956 وهوآخر يوم من ايام السنة أي منذ 53 عاماً تحديداً.
رُبّ سائل يسأل :- كـيف استمرت تظاهرات الإحتجاج الى نهاية العام؟ و العدوان لم يستغرق سوى اسبوعين.. ابتداءً من تسلّـل الصهاينة واحتلالهـم ( للكونتيلاّ ) على الحدود المصريه فجر يوم 29/10 ثم الانذار (البريطاني \ الفـرنسي ) في 30 /10 ثم بدء القصف الجوي للقاهرة و مدن القناة في31 / 10 ثم الإنزال الأول في5 /11.. ثم الإنزال الثاني فالثالث...الخ لحين صدور الإنذار السوفيتي الشهير الذي وقّعه (بولغانين) مساء يوم5 /11 وأذيع بعد منتصف الليل في الساعات الاولى من يوم6 /11 بُعَـيدَ الإنزال ثم موافقة كافة الأطراف على قرار وقف القتال (والتسويف المتعمَّد) في تطبيقه من قبل المعتدين لغرض ما يسمى عسكرياً (باٌستثمار الفوز) .. ثم استمرار هجمات الفدائيـين من المقاومة الشعبية.
أقـول نعـم:- استمرت التضاهرات في جميع انحاء العراق رغم توقف القتال و للأسباب التالية:- (أولاً) إستمرار الصهاينة باحتلال البعض من الأراضي الحدودية المصرية ولغاية 25 / 12/ 1956 و بالتحديد مدينة غـزّه (التي كانت تحت الادارة المصرية).
(ثانياً) استمرارالمعارك الدبلوماسية والموقف السلبي المحبِط لحكومة العراق ازاء العدوان منذ بدايته ممّا اثار سخط الجماهيـر التي كانت تـنظر الى موقف (سوريا) التي فجّـر أبطالها محطات ضخ النفط العراقي الى سواحـل البحر الابيض المتوسط من قبل البَطل السوري (المقدم هيثم الأيّوبى) بتوجيهٍ من عبد الحميد السـرّاج رئيس المكتـب الثاني السـوري. (ثالثاً) استمرار قاعدة الحبانيّة الجوية بتقديم الخدمات اللوجستيّة للجهد الحربي البريطاني! أثناء العدوان وَ طوال فترة انسحاب المعتدين.(رابعاً) استمرار اذاعة صوت العرب بإثارة الحماسة في نفوس الجماهير الساخطة عبر الخطب الرنانة لأحمد سعيد والأناشيد والأغاني الوطنـية التي كانت تلهبـنا ( نحن الشباب ) وتزيدنا سخطاً على الحكومة لِموقفها الرسمي الغامض من العدوان!!.
إنّ لجوء الجماهير...أية جماهير الى الشارع للأحتجاج على اي فـعلٍ لا ينسجم مع تطلّعاتها و طـموحاتها الوطنية أو الأقتصادية أو الأجتماعية أوغيرها ما هو إلاّ:- (أ) نتيجة لعدم تمكنها من نوال ما تصبو اليه من خلال القنوات الديمقراطية الطبيعية.
( ب ) أو للتعبـيرعن موقفٍ تجاه حدثٍ آنيّ ٍ إحتجاجاً عليه وكِلا الحالتين تنطبقان على ما حدث في العراق نتيجة ذلك العدوان.
وما حـدث في العمارة بمركزها وأقضيتها ونواحيها يقع داخل نطاق هذا المفهوم.. وحيث ان البرلمانات العراقية المتعاقبة كانت لا تمثل (على الغالب) الغالبية المغلوبة من الشعب رغم تواجد بعض الشخوص المنصفة التي يرتقي إنصافها (أحيانا) الى سقف الكفاح الملموس ذوالناتج الإيجابي المجزوء. حيث لم يكن هناك من يوصِل أو يهتم بإ يصال صوت الجماهير الى صنّـاع القرار. وفي مثل هذه الحالة الساخنة (حالة العدوان) لم يكن للعراقيين سوى اللجوء الى الشارع للتعبيرعن استنكارهم و سخطهم عـلى موقف الحكومة السلبي من العدوان وهذا هو ديدن الشعوب التي تعيش في ظل الحكومات المحافظة.
إجتاحَت شوارع العماره وأقضيتها ونواحيها تظاهرات متتالية استمرت لشهرين اشتركت فيها كافة شرائح الشعب من طلاّب وطالبات وعمّال و نخب من المثقفين و رهط من أبناء الأقطاعيين!! وجمع من الكسبة وصغارالموظفين وتعاطفَ معها البعض من وجوه المدينة.. من تجّارٍ ومحامين وأطباء.. وكان الطلبة ( والحق يقال ) هم رأس النفيضة و (الداينمو) المحرّك لتلك التظاهرات.. أما في مركز المدينة (وهو موضوعنا) فقد حدثت أربعة تظاهرات.. إبتداءً من بداية شهر تشرين الثاني أي( بداية العدوان ) ولغاية 31 كانون الأول.. وهو آخر يوم من عام 1956م حيث كانت مسك ختام التظاهرات.. كان عدد الذين ألقي القبض عليهم و أودعوا المواقف هو57 طالباً كما ذكرهم د.محمد كامل الربيعي و جميعهم من طلبة متوسطة وثانوية العمارة ودارالمعلمين والمتوسطات:- (االمركزية \ الماجدية \ المجرالكبير \علي الغربي \ وقلعة صالح ). وكانت الشـرطة ( بعد كل تظاهرة ) تلقي القبض مساءً على البعض من قياديي الطلبة فـقط! ومن الذين لم يتسنى لهم الإختفاء أوالابتعاد عن المدينة بنـفس اليوم أو في الوقت المناسب..وكانوا يُرَحّـلون في اليوم التالي الى البصرة مباشرةً بعـد تحقيقٍ شكليّ ٍسريعٍ حيث يقـدَّمون و بعُجالةٍ الى المحكمة العسكرية العُـرفية. أمّا مَن تمكن منهم الإختفاء وَ لو لأيامٍ قلائل فقد كان ينجو من الملاحقة!.
لقد تم إلقاء القبض على أحد عشر طالباً (الوجبة الأخيرة). أوقفواً مساء يوم تلك التظاهرة (31 ك1عام 1956) وكان أغلبهم ممّـن شاركوا في كافة ( أو أغلب) التظاهرات السابقة ولكن الحظ أوغيره من الأسباب أسعفـهم ولم يلقى القـبض عليـهم!!
أسماء الوجبة الأخيرة من المعتقلين :-
1- صالح ياسيـن الصقـر 2 - حسن الحـاج سـوزه
3- نوري هـادي المحسن 4 - عبد الرحمـن شـاوي
5- محيي مسلّـم المحمـود 6 - عبدالرضا حسين اللامي
7- عبدالإله زكي القــيسي 8- عبد الزهره فالح الربيعي
9:- عزيز عبـدالأمير زلزله 10- احمد شهاب الشبـيب
أو أحمد زاير الرشيد 11- داود عبد الرحيم الرحماني
كـانت مدة اعتقال الطلبة المدرجة اسمائهم اعلاه هي 8 أيام فقط اعتباراً من 31 \ 12 \ 1956 لغاية 8 \ 1 \ 1957.
كـان التهيؤ و التحضير لأية تظاهرة يستغرق عدة أيام... يتم خلالها تحديد اليوم واختيارالوقت المناسب وتوزيع الواجبات وخاصة على طلبة الارتباط مع قادة العمـال والكسبة والمدارس الأخرى وغيرهم.. وغالباً ما تتم تلك التحضيرات في دار أحد الطلـبة..أو في أي مكانٍ آمـنٍ آخَـرٍ.
إجراءات يوم 30 ك1 / 1956
لقد تمّت قبل ذلك اليوم كافة الإتصلات اللازمة لخروج التظاهرة في 31/ ك1 وتم الأتفاق على تحقيق لقاءٍ أخيرٍ في الساعة السادسة مساء ذلك اليوم في دارنا لوقوعها على كورنيش نهر الكحلاء. وعادةً ما يخلو هذا الشارع من المارّة شتاءً بعد الضياء الأخير.
وتحدّدَ ان يضم هذا اللقاء كـل من الطلبة :- صالح ياسين الصقر \\ طاهر الحاج سوزه \\ حسن الحاج سوزه \\ باسم حسن عجينه \\ نوري هادي المحسن \\ سلمان دﮔله \\ داود الرحماني \\ وطالب آخر لا يحضرني اسمه وكنا جميعاً من طلبة ثانوية العمارة (الصف الرابع العلمي).. وصل الجميع الى دارنا فراداً و في الوقت المناسب و كنّا في عجلة من أمرنا لإنهاء هذا اللقاء قبل الساعة التاسعة مساءً .. وهو موعد عودة والدي الى الدار.!! أما بقية أهل الدار فموضوعهم كان سهل حيث كنتُ أكبر الأبناء سنّاً بعد أخي المرحوم ( سامي ) الذي كان يدرس في إنكلترا وقتـئذٍ..استغرق اللقاء زهاء الساعتين حدّدنا فيه الواجبات كذلك اطمأنينا على ان دار المعلمين و ثانوية البنات و متوسطات المركز قد تم تبليغها.. وان الغد سوف يشهد أضخم تظـاهرة طلابية في تاريخ العمـارة.
في هذا اللقاء (ولِـنُسمّيه اجتماع) طرحنا صحيـفة كبيرة من ورق الرسم أشّـرنا عليها خط سير التظاهرة كذلك مواقع المدارس المشاركة والمعالِم المهمة الداخلة في خط سيرنا..( مديرية الشرطة \ السينمات \ المسارح \ النوادي \ دوائـر الحكومة \ المقاهي \ وغيرها). وحدّدنا التوقيتات و نقاط اللقاء والالتقاء المتـفَق عليها (مسبقاً) مع قيادات المدارس والعمال..( كان البطل صالح ياسين هوالمسؤول عن التنسيق مع العمال و الكَسَـبة).
إنفضّ الأجتماع بعد الاتفاق على ما اختـلفـنا عليه في بعض التفاصيل.. ثم ودّعتهم بالتعاقب فراداً.. فـتَواروا عن الأنظار قـبل وصول والدي وَ الحمد لله.!
قضيتُ تـلك الليلة معتـكفاً فـي غرفتي أصغي بلهفة الى إذاعة صوت العرب كالعادة.. وانتَـقَيتُ الملابس الملائمة لتلك المناسبة المتميِّـزة !.. امتطيتُ سريري متأخراً وغفوتُ متوسّـداً ذراع قناة السويس.. في أحضان قاهرة المعتز..حالماً بساقَي دلـتا النيل والبحر الأحمر وبالدم الأحمر القاني المسال... دم العروبــــة !.
==============
أحداث يوم 31 ك1 / 1956
كانت توقيتات التـظاهرة تحكي بأن يقوم العمال المتجمهرون في المقهى الكائن في محلة الجِـدَيده نهاية الفرع المحصور بين سينما الأمير و سينما الخيام ثم يباشرون باطلاق الهتافات في تمام العاشرة صباحاً معلنين بدء التظاهرة حيث نكون (نحن الطلبة) جميعأً نتمتع بالفرصة الطويلة بعد الدرس الثاني ننـتظر ( هتافاتهم ) لنباشر بالتظاهر داخل الساحات لفترة كافية لوصولهم قبالة مدرستـنا التي كانت لا تبعد عن تلك المقهى أكثر من 150م.. انتظرنا تلك اللحظة بفارغ صبرٍ مملٍّ ومرّت الدقائق بطيئة وانتهت الفرصة وباشر الفراش (فـلـيّح أبو ياسين) بالضرب على (الجرس الضخم) معلناً انتهاء الفرصة ولم نسمع من العمال أي صوت!...أخذنا نتبادل النظرات باستغرابٍ ودهشةٍ قطعها علينا البطل نوري هادي المحسن بصوته الجهوَري مبادراً باطلاق أول هتــاف معلناً بدء التظاهرة وقطع طريق عودة الطلاب الى الصفوف.. بعدها حَمى الوطيس واحتشدت الجموع في الساحة الكبرى وعلى الشرفات المطلّة عليها وكنّـا حوالي1000 طالب ( هوتعداد طلبة متوسطة و ثانوية العمارة للبـنين).... كانت الخطة تقضي بأن نخرج من المدرسة ونلتحم بالعمال في الشارع العام قرب المستشفى (الأمريكـاني) المقابل للثانوية والسير باتجاه مركز المدينة على امتداد الشارع الموازي لنهر دجلة مجتازين سينما الأمير و سينما الخيام فنادي الموظفين مروراً بروضة الأطفال ومسرحها الأنيق فالمكتبة العامة ونادي الطلبة فالجسر العائم وَ قصر محمد العريبي وَ دائرة البريد فسينما وملهى الحمراء فسينما ومسرح القاهره وصولاً الى مدخل نهاية شارع المعارف من جـهة ابتدائـيّتي النهضة والفيحاء للبنات ومسرحها العتـيد المشيّـد في بداية ثلاثينيات القرن الماضي.
كان المفروض من طالبات متوسطة و ثانوية العمارة للبنات ملاقاتنا عند دار الشيخ عبد الواحد الشوّاي (أبوالدَلَكَات) تحديداً لنسير سَويّةً مجتمعين عبر شارع دجلة مجتازين وبتحدّي مديرية شرطة البلدة باتّجاه شارع بغداد العريق والدخول اليه من مدخله الغربي وصولاً الى التقائه مع مدخل بداية شارع المعارف (عند جمعية الطليعة للتمثيل) وملاقات طلبة باقي المدارس ( المـشاركة في تلـك التظـاهرة ) وكان ذلك هو آخر المطاف حيث نتوقف هنالك و نشرع بإلقاء الخطب والهتافات ونترك ما يلي ذلك لردود أفعال الأجهزة الأمنية. هذا ما كان المفروض أن يكون.. ولكن!؟ لم يتحقّق المفروض وانما تحقق نصف المطلوب اثباته والبرهـان فقط!.
لقد كانت الشرطة ( وبقدرةِ قادر!) متواجدة قبالة أبواب جميـع تلك مدارس منذ الساعة التاسعة من صباح ذلك اليوم31 / ك1.
نعوووود الى تظاهرتنا داخل حرم المدرسة حيث وصلتنا أنباء تواجد الشرطة على الجانب المقابل لمدرستـنا الواقعة على شارع سبع قصور (عبدالإله سابقاً والحرية حاليّاً) و بالتحديد على رصيـف المستشفى الأمريكي وسينما الأمـير ولم يقتربوا ( والحق يقال ) من سياج المدرسة حيث لم يسبق للشرطة ان دخلت أو داهمت أية مؤسّسة تعليمية أبداً .أمّا كيف وصلت أنباء التظاهرة للسلطة! فهذا سؤال (تسهل) الاجابة عليه.. فقد كان عدد الطلبة المطّلعون على ما كنا ننوي فعله حوالي 20 طالباً ومن الجائز ان يكون أحدهم قد أخبر زميلاً له وَ لو من باب المباهات أو حسن النيّة ثم تسربت الأنباء من فمٍ الى أذنٍ فَـفَمٍ فأذنٍ أخرى الى ان وصلت الـى..؟ حيث لم تكن هنالك ( في العمارة ) عناصر منخرطة فيـما يسمى بالأمن إلاّ شخصيــن اثنين! يعرفهما جميع الأهـالي! و إسميهما ( طـرَيِّـر و عبد رﮔـَـﻴـﮔــه ) وهما رجلان بسيطان لهما علاقات طيّـبه مع أهالي المدينة! ويبدو لي أن الأمر كان قد تسـربَ ثم وَصَـل...والسـلام! .
ذكر لي ابن عمتي سلمان عبدالحسن دكله وهو ابن عـم المناضل الشهير المرحوم صالح مهدي دكله أن ( طـرَيِّـر السرّي) أخبر والده مؤكّـداً أنه قد شطب إسم ولـده سلمان من قائمة المطلوب القبض عليهم مساء ذلك اليوم!.
لنعـد الى ساحة مدرستنا الثانوية حيث التظاهرة على أشد ما تكون عليه من الحماسة إلاّ ان البعض من الطلبة المتخاذلين بدأوا (مع الأسف) بالتسرب تباعاً عبر الباب الرئيس الى خارج المدرسة فقد انتبهوا لتواجد الشرطة مما اضطرنا لإرسال البعض من الأشداء لغلق ذلك الباب والثـبات عليه و منع ذلك التسرب وكانوا متسلّحون بمضارب خشبية كنا قد انتـزعناها من سكراب (الرَحلات المهملة) على سطح المدرسة جمعنا منها 30 قطعة تقريباً وُزّعت على ألمتحمّسين من الطلبة. ولن انسى أن إثنين من الطلبة رفضوا استلامها!..أحدهم أصبح ضابطاً طياراً وشيوعياً بارزاً في القوة الجوية بعد 14 تموز1958! والآخر أصبح بعثـياً قيادياً بارزاً في العمارة بعد 8 شباط 1963!!. لم تـنجح تـلك المحاولة ولم نجني ثمارها..فقد تمكن الطلبة من التسلل من المدرسة لشعورهم بالخطر..فيكفي تسرّب عشرة منهم لجعل البقية يتسللون تباعاً احساساً منهم بعدم جدوى الثبات!. استمرت التظاهرة أكثر من ساعتين أفرغنا من خلالها شيئ من سخطنا حيث كانت الأصوات الجماعية لأ لفِ طالبٍ وهم يرددون الهتافات وأجوبتها الرنانة تسمع من مسافة بعيدة جداً عن المدرسة ( يـا... يعيـش... يـا...يسقـط ) و قرابة الساعة الواحدة لم يبق منّا في الساحة إلاّ عدداً قليلاً .. وهم قادة التظاهرة فقط !.
تركنا المدرسة وسـرنا بثبات أمـام صف الشرطة و ضابطهم (وكان نقيباً مسلكياً ضخم الجثة لا يحضرني إسمه ) .. يَطلق عليه العماريون كنية:- بالِع شرطي مرور! لم يعترضنا أحد أثناء سيرنا و تفرّ قـنا قبل دخولنا السوق الكبير(المسقوف) ولا أتـذكّر اننا تكلمنا بشيئٍ يُذكر سوى بما أقـنعنا به انفسنا بأننا قد حقّـقـنا البرهان فقط وجزء من الطلوب اثباته وليس المفروض بالرغم ممّا حدث من ( متَوَقَّـعٍ وغير متوَقَّعْ ).. وفي مساء نفس اليوم تم إلقاء القبض على 11 طالباً من طلبة بعض تلك المدارس ممّن لم يتسنّى لهم الابتعاد أو النيّة في الابتعاد عن المدينة... لم تكن مداهمة السلطة لبيوتنا إستـفزازية وعلى سبيل المثال:- لم تكن لمفوّض الشرطة (ابراهيم ماهود المكلّـف باعتقالي) الرغبة في التوجه الى دارنا مباشرةً إلاّ بعد المرورعلى( والدي ) في مكان عمله والتوجه معه الى دارنا لاعتقالي كذلك لم يتم اعتقال كِلا وَلَدَي الحاج سوزه فقد تم اعتقال حسن فقط وغُضَّ النظرعن اعتقال أخيه طاهر بالرغم من كونه أحد أبرز قياديي الطلبة..وهذا ما حدث أيضاً للأخوين أحمد و ماجد شهاب حيث اعتُقل أحمـد فقط... تم إيداعنا موقف شرطة السَـنـيّه وحَـقّـقَ معـنا المحقّـق العـدلي (معـتـوك ).. كان التحقيق بسيطاً مختصراً لأننا كنّا نعرف مسبقاً ما سوف نُسأل عنه في التحقيق كذلك كنا نعرف ماهـيّـة الأجوبة! وأعترفُ...ويشهد معي كل الزملاء وهم جميعاً أحياء تقريباً.. لم تُوجّـه إلينا أيّة إهانة ولا أيّة عبارة مشينة بالرغم من انّ هتافاتنا كانت تنادي بسقوط العائلة المالكة ونوري السعيد والوصي عـبد الإلـه و...الخ!.. كانت تـلك الليلة متميّـزة بما تحمله من معانٍ, فقد قضيناها بترديد الأغاني والأناشـيد الحماسية..( ولـكن ) لم نكن ننسى أبداً انها كانت ليلة رأس السنة وكيف كان ( البَشَر) في الدول (المترَيـشه ) ينتظرونها.. وكيف يستعدون لها ويسعدون بهـا ونحن هنا نقضي ليلـتـنا مع حرّاس الموقف البسطاء ببزتهم ( الشرطوية) وآمرهم الأريحي العريف (لا يحضرني اسمه) وكيف قضوا تلك الليلة معنا سعداء مُـتخمين من مشاركتنا التهام وجبة العشـاء الشهيّـة التي وصلت الينا تباعاً من أهالينا.. تمّ ترحيلنا الى البصرة مع انقشاع الضياء الأخيرمن يوم1/ 1/1957 في باصٍ خشبيةٍ أهليةٍ من النوع الشائع في حينه.. حللنا ضيوفاً على موقف مديرية شرطة البصرة لـثلاثة ايام بليالـيها بعدها قُـدِّمنا مجتمعين (بقفصٍ واحدٍ) الى المحكمة العرفية وكان يرأسها المرحوم العميد الركن أحمد صالح العبدي (الذي تقلّد منصـب رئيس اركان الجيش والحاكم العسكري العام بعـد14 تموز1958 ) وكان المُـدَّعي العام للمحكمة هو المرحوم اللواء راغـب فخري وكان وقـتَـئذٍ برتبة مـلازمٍ ثانٍ .. اسغرقـت المحاكمة زهاء الساعتين سؤلنا من خلالها عدة أسئلة تقليدية أجبنا عليها بالنفي.. وإننا (أبرياء) حسب ما تم تلقيننا به مسبقاً!.كانت المحاكمة صوريّة (إيجاباً) ولم تكن صوريّة ( سلباً ) كما هي محكمة (أعواد؟ .. البَندر.. يّـه!).. كـنّـا نشعر ضمناً ان المحكمة قـد شُكِّـلَت من رجالٍ حكماء متـفهمين لوطنيتنا وحماستنا… مقدّرين كوننا (فِـتية) حيث لم يكن ( أكبرنا سنّـاً) قد جاوز العشرين ربـيعاً...وحسب اعتقادي ان السلطة كانـت تفكر في تأديبنا ( حسب مفهومها ) لا في إيـذائنا و إيلام عوائـلنا! لـذا كـان قرار المحكمة هو اطلاق سراحنا بكفالة (غير نقدية!) مقدارها 500 دينار والتعهد بعدم التظاهر ثانيةً أوالحبس لمـدة سـنة واحدة لمن لا كفيل له.. وفعلاً تمت كفالتنا جميعاً (مـكَـوَّر)! من قبل الرجُـلين الشهمين المرحومَين (عبد الصاحب الحاج سوزه الجيـزاني و ماهود سلمان فتّاح الربيعي).. ولا غرابة في ذلك فهم اخوانـنا الكبار ولا فرق بينهما وبين أولياء أمورنا في مثل هذه الظروف. فتعهدا مشكورَين من أهالينا بدفع مبلغ الكفالة لكـلِّ طالب منّـا يعيد الكرّة وَ يتـظاهر ثانيةً!.. ولكن تأديبنا هـذا ( حسب مفهوم السلطة ) قد جاوز حدود المقبول منه حيث لم يعيدونا الى الموقف السابق (انتظاراُ للكفالات) بل تم ايداعنا سجن البصرة الكبـير وتحديداً في قاطع الإعـدام المؤلَّف من باب ضخمة من شيش الحديـد الغليظ يؤدّي الى باحة مكشوفة تقع الى يمينها غرفتان لانتظارالمحكومين بالاعدام وكانتا خاليتان من النزلاء وَفي نهاية الباحة قبالة الباب الرئيس تقع صالة الاعدام (المشنقة وَحباشاتها) فقـد اعتقدوا ان فينا من الطراوة ما تكفي لأن تجعل من ليلتنا مفزعة رادعة تأديبيّة.. فجاءت الرياح بما لا تشتهي سَفينهمُ فقد جعلنا منها ليلة سمرٍ صاخبةٍ تخللتها الأناشيد ومختلف فعاليات التسلـية.. وكـنّا نطل بين الفينة والأخرى على غرفة الإعدام ونعود لنهزأ منها وبها!.. وكم كنّـا نتأمل بمرارة كتابات نزلاء هاتـان الغرفتان التي خـطّـتها أصابعـهم المرتعشة على الجدران قبل اعدامهم.
أقمنا في هذا القاطع (الساحر الساخر) ليلتين وفي صبيحة اليوم الثالث علمنا أن كافة الكفالات قد انجزت.. وان أمر الإفراج عنّا قد وصل الى إدارة السجن ولم نكن نعلم ان أمراً قد بُـيِّـتَ لنا! ..فقد وردت مخابرة من مكتب وزيرالداخلية (سعيد قزّاز)الى مدير السجن تقضي بوجوب ( حلـق ) شعر الرأس لكلٍّ منّا بدرجة ( صِـفـر).. رفضنا الإنصياع لهذ الأمر و(عجـز) مدير السجن عن اقناعنا...! و أخيراً قرر التفاوض معنا فأرسـل في طلب المناضل (صالـح ياسين) كونه أبرز الموقوفين.. ذهب صالح وتأخّر لوقتٍ يكفي لأن نشك بأن في الأمر شيئاً ما من الخديعة خصوصاً بعد أن أخبرونا أن (صالح ) يطلب حضور حسن الحاج سوزة للمشاركة في تلك المفاوضات.. وازدادت الشكوك أكثر عندما قيل لنا ان صالح وحسن يطلبان حضوري (أنا داود).. تهيأت للذهاب بعد ان اخبرت الزملاء بـأن لا يستجيبوا بعدي لأي استدعاء..إلاّ إذا طلبنا منهم تحديداً ارسال (عزيز زلزله) كونه لم يكن قياديّاً وضعيف البصر وَ وزنه 50 كغم! ومن غير المتوقَّع إستدعائه. توجّهتُ الى مقر إدارة السجن مخترقاً الباحه الواسعة جداً والتي باتت تعج بالسجناء الذين كانوا (يتَـفَـرَّجون) بفضول على هؤلاء الفتية (السياسين) وهرجهم ومرجهم!.. قبل دخولي الى مقر الادارة لمحت ( صالح ) مستنداً على أحد الجدران مشتبِكاُ (بالِِِـشاً) بثلاثةٍ من السجّانين يرفع الواحد منهم وَيلطشه بالآخر!( كان صالح الصقر ومحيي مسَلّم بطلا كرة السلّه و الطائره في العمارة ) كما شاهدت الحلاّق يحلق شعر الرأس لِِحَسَـن الحاج سوزه وقد أمسك به ثلاثة حرّاس ولا يستطيع الحِراك فَعِدتُ مهرولاً صوب زملائي الطلبة صارخاً (مـؤامره...مـؤامره...يا شـبـاب .. حلاقه بالقوّه...يسقط الاستعمار..يـا!) وجاء الجواب جاهزاً !! يســقط !! وما كان من الطلبة إلاّ أن أغلقوا باب قاطع الإعدام وباشروا بسكب كل الجرادل (السطوله ) المملوءة ( بمرقة الفاصوليّه الساخنة) عـلى رؤوس السجّانين المسـاكين! فقد تزامن الحادث مع توقيت تقديم وجبة الغداء. لاحظت (وباستغراب) كيف ان مئات السجـناء (العتاوله) المحتشدين في باحة السجن الواسعة (يهرعون) الى غرفهم وكأن قذيفة سقطت وسطهم! بقيتُ وحيداً في الساحة مع جمعٍ من السجّانين الذين لم يتصـدّوا لي!.. هـل؟ كان هنالك توجيهاً يقضي بتركنا وعدم التعرض لنا؟. مـرّت الدقائق مسرعة فكّرتُ خلالها بما أقدمتُ عليه من فعلٍ لا مبرر له ولم اكن أدرك(وأ نا لم أنهي السابعة عشر) ان ما أقدمنا عليه هو التمرد بعينه وليس له معنى آخـر!! ثم ما معنى هتافي ... مؤامـــره مؤامرة .. وما دخل الاستعمار بالحلاقة؟ لأُسقطه بهتاف!؟ وما ذنب أولئـك المساكين حرّاس السجن) والكبار السـن عادةً لِـيُغرقهم الزملاء بِمرقة الفاصوليه الساخنة!..إنه حُـكم السن المبكرة لاغير.. بعدها توجهت الى قاطع ادارة السجن طواعيةً بعد ان شاهدت صالح ياسين متوجهاً مزمجراً ليجلس ( تحت موس الحلاّق) فجلست جنبه لأَسمَـعهُ وهو يردد جملته الشهيرة التي لم تبرح ذاكرتي الى يومنا هذا..والتي وَجّهَها لحرّاس السجن ورئيسهم الـمُـسِن الحائر:- (هَسّه برضاتي زَينـوني.. بس بالقوة لا تظِنّون أخضع وْ أ زيِّن).. للهِ درّك ياصالح الصقر كم كنت بطلاً وكم تعلّمنا منك و من حسن و طاهر.
وأخــيراً تم حلق شعر رؤوسنا جميعا! حيث جاءت الأوامر بالحلاقة (جـدّيّةً ونهائيّةً)... ثم أفرِجَ عنّا مكتَفينَ بعقوبة الحلاقة ونحن الذين كنّا نتمنى ان يحكم علينا بالسجن لنتوِّج نضالنا به وهو(تـاج) فوق رؤوس المناضلين (هكذا كنا نفهم الأمور في تلك السن)..عدنا الى مدينتنا لملاقات المحتفين بنا و مواجهة قرار الفصل من المدرسة لما تبقّى من السنة الدراسية.. تلك العقوبة القاسية حقّاً..بعد ذلك أضيفت عقوبة أخرى شملت كافة طلبة العراق الذين مرّوا بنفس الظرف..ألا وهي السَوق الى الخدمة العسكرية...بِحـدود مدة المكلّفية وهي ( ثلاثة أشهر) نقضيها في معسكر راوندوز.. هذا الخبر أسعد الغالبية منّـا لسببين أولهما:- التجمّع واللقاء المتوقَع مع كافة المناضلين من طلبة العراق وَ كيف ستكون الحياة في المعسكـر ذات ديناميكية وَ مُشبَـعة بالفعاليات ناهيك عن التعارف الذي سيتم بيننا, ثانيهما:-هو انتشالنا من حياة الملل التي نعيشها بدون دراسة...ننظر الى زملائنا المتوجهين الى والعائدين من المدرسة كل يوم... لم يَـنَل الجميع هذا الشرف فقد كان السَوق يشمل من بلغَ الـثامنة عشر حصراً.. ولم يُساق مِنّـا نحن الـ57 طالباً إلاّ حـوالي 17 طالب فقط..أما الباقون فلم يبلغوا تلك السن!.. كم حزنتُ (وأنا الرياضي) لضياع تلك التجربة الرجولية مني حيث سافر الزملاء المشمولين بالسـوق الى راوندوز و كانت المراسلات بيننا مستمرّة حيث استـلمتُ أول رسالة من صالح بعثها لي مع الأخ المجند المغوار عزيز زلـزله حيث عاد لنا مُسرّحاً معفيّاً من الخدمة ( بعد اعادة فحصه طبّـيّاً) لنحافته البائنة ولنقصٍ ضاهرٍ في وزنه الذي أصبح 48 كغم بعد أن دخل في رجيمٍ قاسٍ أنقص من وزنـه!!..كذلك لضعـفٍ في بصرهِ.
أعود الى ما نشره د.محمد الربيعي وأقول ان بعضاً مما نشرَهُ كان فيه مفارقات عدّة ألخّـصها بما يلي :- (1) لم يُساق جميع الذين ألـقيَ القبض عليهم من الطلبة الى معسكر (راوندوز)..بل سيق منهم فقط أولئك الذين بلغوا الثامنة عشر وهُم قلّـة. (2) الأخ عبد الزهرة الربيعي أوقف معنا ويعلم جيداً ان مدة موقوفيتنا لم تكن شهراً أو اكثر....فهي لم تتعدى أياماً معدودات..فقد اعتُـقِلنا مساء31 \ 12\ 1956وأفرج عنّا في8 \1\56 19. (3) لم يكن أحد هتافاتـنا ( يا بغداد ثوري ثوري) فهذا الهتاف كان بـعـثيٌ أُطلِق قبل 8 شباط عام 1963 مباشرة وله تكملة هي:- (خَلّي قاسم يِـلحَـك نوري)! فلم يكن بيننا من كنّا نعلم انه كـان (شيوعي) فـما بالك (بالبعـثي) الذي لم نكن قدسمعنا به بعد.. لم أفـهم كيف ان تلك المفارقة قـد فاتت على الدكتورالربيعي وهو المؤرخ والأكاديمي!. فهل كان ذلك من الأخطاء المطبعية أم انه الهوى؟ أم ماااااذا!. (4) لم نتعرض ( كما ذكرالدكتور..على الأقل نحـن طلبة العـمارة ) الى شتى أنواع الإضطهاد و لم نعاني ممّـن يسمَّون بـ ( أزلام النظـام.. تلك الصفة التي اخترعها البعث) ... وأنـا أشهد على ذلك بدقّـةٍ وَ بمسؤليّـةٍ تاريخيّةٍ وأُ شهِـدُ الأحياء من زملائي على كل ما تطرّقـت له في هــذه السطور. وأولهم عبد الزهره الربيعي.. فَشـتّان بين ما عوملنا به أ ثـناء اعتقالنا والتحقيق معنا و محاكمتـنا وبـين ما عومل به المعارضـون للأنظمة التي توالت بعد 14 تموز!. (5) ان صورة التظاهرة المنشورة مع المقالة المنشورة لم تكن موفّقة أو متوافقة مع الحدث حيث نجد فيها لا فتات يمتشقها المتظاهرون مخطوط عليها (جماهير حزب البعث المناضلة..الخ) وأقول..اننا لم نكن نرفع اللافتات في حينه..وإن وُجَـدَت فانها كانت تشيد بحياة جمال عبـد الناصر.. وتنـدّد بالاستعمار والصهيونية والعدوان الغاشم فقط. وكما يظهر (أيضاً) في الصورة المنشورة مع المقـالة أن البعض من المشاركين مرتدين لِبزّة الحرس القومي! فلا يُستَبعَد ان تكون تلك الصورة هي لتظاهرةٍ ما.. وفي مكانٍ ما بعد عام 1963ومن أرشيف صحيفة ميسـان أفندي البعثية.
(6) هنالك أخطاء مطبعية في بعضٍ من أسماء الطلبة الذين فصلوا من مدارسهم .. وأدرِجُ أدناه الأسماء متلافياً الأخطاء المطبعية :-
عبدالكريم حمد الدوّاي # عبدالواحد سيد علوان # نعيم حسن كـايد # ماجد هادي حسن # صالح ياسين الصقر # خيّون عوكي الحسن # شاكر عبدالجبار السامرائي # عـبد عون عبد علي # داود الحاج سلمان الحاج حسـن # ستار عبد الجـبار حمّـادي # شاكر عبد الرضا # أحمد شهاب # اسماعيل خليل # عبدالأمير الحاج حسن عيسى # جبار حمود # عبدالإله زكي القيسي # عبد الرحمن شاوي# محيي مسـلَّـم المحمود # عبد الرضا حسين الـلامي # عـبد الزهره فالح الربيعي # نوري هادي المحسن # عزيزعبدالأمير زلزله # محمد جابــرالسلمان # داود عبد الرحيم الرحماني # حســن الحاج سوزه الجيزاني # عبد الكاظم الحاج محمد # صالح الشـيخ عبد # أحمد الحاج زاير الرشيد # سعـدون مجيد الزهيري # عبد الرسـول الظاهر # فاضل رضا مرزه # هاشم ونَـيِّـس# عـباس الحاج عبد الرسول # خلف جاسم # جاسم صالح وادي# موسى جاسم # مصطفى قاسم# مزهرحمود المذكور # محـمد جواد السلمان # عـّواد عبد الحسين# علي ناجـي المطّـلبي # حامد معـيدي الحيال # وحـيد عـطوان # كامـل ياسين # محمد علوان # جاسب جبر شوشي# رياض كاظـم داود # جعفر ياسين القـزويني # فـاخر عبد العباس # عدنان محمد شنيور # حـيد مجـيد # جبار صالح # جواد كاظم # ماجد بَـنجِـلي # طارق عبود# علي خلف # وَ فـؤاد العبّـاس .
وأخيراً أ قـول:- ان لطلبة العمارة تاريخهم الحافل بالانتفاضات وتظاهرات الإحتجاج والتنديد بالاستعمار والصهيونية منذ بدايــة القرن المنصرم.. واليهم والى مدينـتي الحبـيبة أهـدي هذه المقطوعة من شعـــري ... باللهجة العاميـّـة
شِـعْر اٌهْـلِ الجنوب اٌيْـشَـيّب الـراسْ
.... يِذكّرني اٌ بْـحبـيـبي وْ طيـبة الناسْ
رُبيت وْ ﮔـُـوه عودي اٌبْـحضنِ لِشطوطْ
... رُوَيـت صْـباي وِ تْـنومَـسِـت بالكاسْ
عِـزيـز وْ عِـزِّ تي مِـنِّـﭻْ يَـميـسانْ
.... سِـﮕـيتـيني الشَجاعه وْ غِيره وِاٌحْساسْ
خِريفِـﭻْ.. ﺼﻴفـﭻْ وْ حَـتّىَ الشِته اٌرْبِـيعْ
.... هُواﭺ عْـذيبي يِـشـفي الجَـرِح لو جاسْ
وِ لِخضَيـري بْـشِـتاﭺ...اٌيْـدَفّي لِـضلوعْ
.... فَسَـنجون النَـجف يِـشْـهَـرله إفــلاسْ
أباهي ( البنـدقـيّـه) اٌبْـخَمِـسْ أ نهــارْ
.... وْ عِـنِـج دانَـﮓْ بَـلِف جَندول يِنـقاسْ
اٌشْـحَـلاتِ الفَجِر حَـدِّ الجـرُف بِاٌ ﻟﮕــﻴـظْ
....أ نَـاٌ وْ شِصّي اٌنْـتِصَـيَّـدْ سِمَـﭻْ أجناسْ
يِجي اٌبّـالَك سِـمَـﭻ يِعـشِـﮓ الصيّـاد؟!
.... بِـلِعماره.. رِهِـيف السِـمَـﭻ حَـسّـاسْ
عَـلىَ الموعِـد تُوافي..اٌوْ وُدْهــه تِـنصادْ
....أعِتهَـاٌ وْ تِخـتِـنِـﮓْ وِ ﺘْـﮕـولْ لا باسْ
أفـاخِـرْ وِ الفَخَـر شـيـمَـة الفِرســانْ
.... جـنوب اٌوْ بِي يـِظِل مَرفوعْ هَـالراسْ
============
داود عبدالرحيم الرحماني
31 – 12 - 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق