ألمَـصـاب في النِصـاب !؟
داود الرحمـاني
في يوم من الأيام.. سألت شيخي وأستاذي في علم العَروض والقافية المرحوم الشيخ جلال الحنفي البغدادي قائلاً له :- ان الشاعر (فلان) ذكر في الصفحة 4 من ديوانه الفلاني ما نصّه :- أنه لا يحتاج الى علم العَروض في نظم شعره! فسألني الشيخ :- هل (فَصَّـخْتَ) شعره عروضيّـاً؟ فأجبته بالنفي, فقال:- إرجع عليه واقرأه بتأنّي ودقّق بما تشك فيه من كسورٍ وزنيّةٍ واكتبه عروضياً ثم عُد إليَّ.. رجعت الى ديوان الشاعر (فلان) ودققت في بعضٍ مما فيه من قصائدٍ فوجدت في بعضها كسوراً بائنة في الوزن لا تنطلي على المُلِمِّ بعلم العَروض..أخبرت شيخي بما عثرت عليه فأجابني بتلك المقولة التي لن أنساها والتي أضفتها الى ما اكتسبته منه من معرفةٍ.. قال :- في أي عصرٍ من عصور الشعر العربي وفي أي فنٍّ من فنونه تذكّر ياولدي ان العروض ( يَعلو وَلا يُعلى عليه ) يُستـثنى من ذلك ما جاء من شعرٍ في عصرَي الجاهلية والراشدين حيث بنى الفراهيدي علمه على ذلك الشعر ويستثنى منها أيضاً ما يُعرف اليوم بقصيدة النثر.. اٌستَذكرتُ (مجتَرّاً) تلك المقولة وأنا أتأمّل وأكتب بما نحن فيه وبه وعليه اليوم من استخفاف البعض من الكتل وَ الشخوص (المنضوية تحت قبّـة البرلمان) بقدسية وحرمة ومكانة تلك القبّة... قبّة عموم الشعب.
فأقول لهم :– ان قبّة البرلمان (( تعلو ولا يُعلى عليها )).. ليت شعري! هل يفقه تلك البديهة أولئك الذين (حمّضوها ومصّخوها وأمست بليّه ملح؟).. فذاك الذي أدى القسم (خَتله) ودخل الغيبة.. وهذا الذي اعتاد على ان لا ينعَس قبل الفجر؟!. وذاك الذي يحضر تبعاً لمزاجه متصوّراً نفسه لا يزال رئيساً لمجلس ادارة شركته الخاصة. وهذا المُصاب بداء الشهرة ممّن يفضّلون الظهور على (كشاشة) احدى الفضائعيّات.. عفواً الفضائحيّات على التواجد في بيت الشعب.. ذلك البيت الذي يَلي بيوت عبادة الله في قدسيته.. وذاك المدمن على السفر لعدم احتماله البعد عن عائلته وعياله الذين يعانون من خشونة العيش في الربع الخالي من جزيرة العرب (عفواً) جزيرة الغرب! جوار مضارب بني عبس!. وهذا الذي يترك القبة لقضاء حاجةٍ فَـ (خَرَجَ ولم يَعُد). وأولئك الذين يطبخونها ليلاً و يقرروا (بالجمله) عدم الحضور لغايةٍ.. أيّـاً كانت.
وبـين هذا وذاك وأولئك وهؤلاء من بني وَلاء.. تعطّل الأداء وَطَفحَ الماء في الإناء والوعاء واستفحل الداء وتخطّى حاجز الوباء والبلاء ولم يبق لنا غير إعلاء الأيادي الى االسماء.. وَ الدعاء.. والله وما شـااااء.. وبسبب تلك الأسباب.. وألحان اللواء محمد عبد الوهاب!؟. تعثّرالنِصاب وَ أوصدت الأبواب على قرابة المائة قانون ألبسوها الحجاب بالرغم ممّا لـذَّ فيها وطاب للشعب والشِعاب.. وأقولُ لمخترعي ومشرّعي ومستوردي ثقافة النِصاب من دساتير الأغراب :- هل نحتاج نحن العراقيون الى من يشرّع لنـا؟!.. وَ نحن ورثة أقدم نظام قانوني وضعي في التاريخ شُـرَّعَ بـ 282 مادة عام 1780 ق م؟!. وَ نُقِـش على مسلّة (العراقي أبو الغيره) حمورابي رحمة الله عليه.. وَ أقول صارخاً (لا بل عائِطاً) لو تَنبّهَتْ الغالبية من المشرعين المخلصين والغيارى (حقّـاً) على مصالح الشعب وَعدّلوا (بتشريعٍ عاجِلٍ) فقرات تحديد النصاب في مَـتنِ نظامهم الداخلي وجعلوا تلك النِسب المنسوخة فيه تسري على من يتواجد فـعـلاً تحت قبة المجلس دون التقيد بالعدد فسوف لن تجد بعد ذلك.. ذلك الذي لا يحضر الجلسات بلا عذرٍ قاهِـرٍ. ولن تجد أيضاً ذلك الذي يتغيّب استخفافاً أو استنكافاً أو إهمالاً أو تعالياً على مقام بيت الأمة.. ولا ذلك الذي.. أو تلكم الجمهرة التي تنسحب وتترك القاعة في هرجٍ ومرج و تُعَطِّل إقرار القوانين مستغلّة ما يسمّى بالنصاب... ( فَـطُـزْ ) بذلك النصاب الذي يؤجّل أو يحْرم الشعب من التمتع بمردوداتِ تلك القوانينِ.. خدمة لغاياتِ نفرٍ ممّن يعتاشون على العبث بأمن البلد.. فلنجرّب مرّة واحدة ونعلن ان التصويت التالي على القانون الفلاني سوف لن يخضع الى تحقّق النصاب ( وإن لم يحضر سوى30 نائب) حينها سوف لن تجد من يتخلف عن الحضور لسبب غير مشروع ولن تجد من يترك القاعة (زعلان افندي) كونه سيدرك ان زعله يشابه (زعل العصفورعلى بيدر الدخن).. ولكن.. أين نحن من هكذا رأي! والنظام الداخلي للمجلس منسوخ (وَمدَستَـرْ).. ويبقى الأمل في المجلس القادم.
وأخيراً أقول :- تَبّـتْ يدا كلّ من يأتي بفعلٍ مبَيّتٍ (أيّاً كان) لعرقلة أو لحجب مكسبٍ (مهما صغر) لهذا الشعب الذي مَلّ التمترس (لا لشيئ إلاّ) استجابة لمؤجّجٍ مهيِّجٍ أو لِمهرّجٍ متبجّحٍ بحب الوطن يتداخل (عبر كـشاشة فضائيةٍ خبيثةٍ) بمداخلةٍ مستفزّةٍ أو بتصريحٍ خبيثٍ يؤلّب العراقي على العراقي لتسري وتسود ثقافة الخلاف (لا اٌلإختلاف) الديني أوالمذهبي أوالقومي أوالعرقي ولِـيجعل من العراق لبنان ٍثانٍ والعياااااذ بالله.
وَ بعكسه أقول:- طوبى لكل نائبٍ شريفٍ عفيفٍ نظيفٍ حصيفٍ.. يجاهد بحرصه على حضور جلسات محرابه ويطرح الآراء الصائبة التي تصب (فعلاً لا شكلاً) في مصلحة الشعب والوطن.. وجميعهم مُعَـرَّف (هُـنَّ وَ هُـمُ).. نشاهدهم دوماً تحت القبة ونسمعهم وهم يدلون بدلوهم باستمرار متصدّرين متصدّين لكل متصدٍّ متعًصّبٍ متحجّرٍ أو جاهلٍ جاهليٍّ من حاشري العصا بين ثنايا عجلة االتَمدّن.. فَـطوووبى لهنَّ وَ لهُم.
drahmani2004@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق