مهجريات
لميعة عباس عمارة شاعرة العراق الأولى: أتحرم حقا من تقاعدها العراقي؟
تعود صلتي بالشاعرة المبدعة لميعة عباس عمارة الى ايام تلمذتنا السعيدة في دار المعلمين العالية في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي حين كنت في السنة الاولى و كانت تسبقني بسنتين (قلتها و اقولها بلا تردد: كانت اياما سعيدة... سعيدة جدا مقارنة بما يعانيه العراق اليوم)... أتذكر جيدا ما كان يربطني بها و بالمرحوم الشاعر الفذ بدر شاكر السياب من أواصر الزمالة و الهموم الادبية المشتركة وماكان لي من دور عابر وسيطا بينهما...
و تمر الايام واذا بنا نلتقي مرة أخرى في مغترب واحد أتاح لي متابعة ما تنشر والتعريف ببعض قصائدها حول محن العراق المتتابعة
لن انسى قط قصائدها في حب العراق وشعرها الرثائي تندب فيه بغداد... البصرة... العمارة... أبناء العراق الابرياء...نخيل العراق... معالمه الحضارية ضحايا حرب بربرية وحصار لا يقل عنها بربرية...
أتذكر جيدا تلميحاتها الي شعارات "الاخاء العربي" و التمدن الغربي":
* أريقت دمانا
فهل سلم الشرف العربي الرفيع؟
* اي عصر نحن فيه
أكان عصر الجاهلية؟
عار على وجه التمدن ما جرى في العامرية"
و اعرف جيدا اعتزازها العراقي العميق الجذور:
* بلادي ويملاني الزهو أني لها انتمي و بها أتباهى
لان العراقة معنى العراق.....
و اعرف جيدا اباءها الاسطوري وان شاءت الظروف ان يخذل وهي في المغترب الامريكي:
*فرسا جموحا كنت لم اعثر ولم يسهل قيادي
بي من شموخ النخل والكرم المؤصل في بلادي
كان اعتزازي ان اجوع ولا اطاطىء كالنخيل
انسيت يوما كبريائي حين ضيعني دليلي
فاذا يدي تمتد للصدقات
يرميها الذي قتل الحضارة للقتيل
اعرف جيدا كيف شغلت ولا تزال تشغل اهتمام الالاف من المعجبين و المعجبات بها في ارجاء الوطن العربي و منافي العراقيين الغربية واعرف مايطلق عليها اعجابا من اوصاف او تسميات: نخلة العراق السامقة...قيثارة النهرين...أميرة العشق و العذوبة...النجمة المتالقة في تاريخ الشعر العراقي و غيرها من التسميات أو مظاهر التكريم: حفلات هنا و هناك...اوسمة...دروع..
كنت اعرف ذلك كله و غيره ولكن لم أكن اعرف الا قبل ايام و كنت في الحقيقة اوثر الا اعرف كيف تعيش في مغتربها وهي على وشك ان تحتفل بعيد ميلادها الثمانين
لم اصدق انها تحيا على ضمان اجتماعي امريكي محدود وانها محرومة من حقها في ضمان وطنها الاول
كيف تحرم من دخل تقاعدها العراقي الذي تستحقه كغيرها ممن اكمل المدة القانونية في خدمة العراق؟ دع عنك انها تستحق موردا عراقيا بحكم اسهامها الابداعي سنوات طويلة في خدمة العراق و تراثه الادبي.
أليس من نكد الدنيا ومن المفارقات الماساوية أن تحرم من حقها في تقاعدها العراقي وتعيش على مورد مغتربها الضئيل الذي لايتناسب و متطلبات حياتها اليومية؟
ثم اجد نفسي مضطرا الى تساؤل اخر: أمن العدل او المنطق أن اتوقع من عراق اليوم قراراعادلا وعاجلا بشان حق شا عرة العراق في رواتب تقاعدها؟ و مرد هذا التساؤل اسباب كثيرة تمس العراق اخجل حتى من التنويه بها.
وبالرغم من ذلك اراني مضطرا الى التساؤل مرة اخرى: اي عدل ان تحرم شاعرة العراق الاولى من حقها المشروع؟ ومن المسؤول عن التمادي في حرمانها من هذا الحق؟
وأخيرا: أمن العبث ان نتوقع لهذا التساؤل صدى ايجابيا لدى المسؤولين ؟
صالح جواد الطعمة
أستاذ العربية و الأدب المقارن
جامعة انديانا
في 10/6/2009
لميعة عباس عمارة شاعرة العراق الأولى: أتحرم حقا من تقاعدها العراقي؟
تعود صلتي بالشاعرة المبدعة لميعة عباس عمارة الى ايام تلمذتنا السعيدة في دار المعلمين العالية في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي حين كنت في السنة الاولى و كانت تسبقني بسنتين (قلتها و اقولها بلا تردد: كانت اياما سعيدة... سعيدة جدا مقارنة بما يعانيه العراق اليوم)... أتذكر جيدا ما كان يربطني بها و بالمرحوم الشاعر الفذ بدر شاكر السياب من أواصر الزمالة و الهموم الادبية المشتركة وماكان لي من دور عابر وسيطا بينهما...
و تمر الايام واذا بنا نلتقي مرة أخرى في مغترب واحد أتاح لي متابعة ما تنشر والتعريف ببعض قصائدها حول محن العراق المتتابعة
لن انسى قط قصائدها في حب العراق وشعرها الرثائي تندب فيه بغداد... البصرة... العمارة... أبناء العراق الابرياء...نخيل العراق... معالمه الحضارية ضحايا حرب بربرية وحصار لا يقل عنها بربرية...
أتذكر جيدا تلميحاتها الي شعارات "الاخاء العربي" و التمدن الغربي":
* أريقت دمانا
فهل سلم الشرف العربي الرفيع؟
* اي عصر نحن فيه
أكان عصر الجاهلية؟
عار على وجه التمدن ما جرى في العامرية"
و اعرف جيدا اعتزازها العراقي العميق الجذور:
* بلادي ويملاني الزهو أني لها انتمي و بها أتباهى
لان العراقة معنى العراق.....
و اعرف جيدا اباءها الاسطوري وان شاءت الظروف ان يخذل وهي في المغترب الامريكي:
*فرسا جموحا كنت لم اعثر ولم يسهل قيادي
بي من شموخ النخل والكرم المؤصل في بلادي
كان اعتزازي ان اجوع ولا اطاطىء كالنخيل
انسيت يوما كبريائي حين ضيعني دليلي
فاذا يدي تمتد للصدقات
يرميها الذي قتل الحضارة للقتيل
اعرف جيدا كيف شغلت ولا تزال تشغل اهتمام الالاف من المعجبين و المعجبات بها في ارجاء الوطن العربي و منافي العراقيين الغربية واعرف مايطلق عليها اعجابا من اوصاف او تسميات: نخلة العراق السامقة...قيثارة النهرين...أميرة العشق و العذوبة...النجمة المتالقة في تاريخ الشعر العراقي و غيرها من التسميات أو مظاهر التكريم: حفلات هنا و هناك...اوسمة...دروع..
كنت اعرف ذلك كله و غيره ولكن لم أكن اعرف الا قبل ايام و كنت في الحقيقة اوثر الا اعرف كيف تعيش في مغتربها وهي على وشك ان تحتفل بعيد ميلادها الثمانين
لم اصدق انها تحيا على ضمان اجتماعي امريكي محدود وانها محرومة من حقها في ضمان وطنها الاول
كيف تحرم من دخل تقاعدها العراقي الذي تستحقه كغيرها ممن اكمل المدة القانونية في خدمة العراق؟ دع عنك انها تستحق موردا عراقيا بحكم اسهامها الابداعي سنوات طويلة في خدمة العراق و تراثه الادبي.
أليس من نكد الدنيا ومن المفارقات الماساوية أن تحرم من حقها في تقاعدها العراقي وتعيش على مورد مغتربها الضئيل الذي لايتناسب و متطلبات حياتها اليومية؟
ثم اجد نفسي مضطرا الى تساؤل اخر: أمن العدل او المنطق أن اتوقع من عراق اليوم قراراعادلا وعاجلا بشان حق شا عرة العراق في رواتب تقاعدها؟ و مرد هذا التساؤل اسباب كثيرة تمس العراق اخجل حتى من التنويه بها.
وبالرغم من ذلك اراني مضطرا الى التساؤل مرة اخرى: اي عدل ان تحرم شاعرة العراق الاولى من حقها المشروع؟ ومن المسؤول عن التمادي في حرمانها من هذا الحق؟
وأخيرا: أمن العبث ان نتوقع لهذا التساؤل صدى ايجابيا لدى المسؤولين ؟
صالح جواد الطعمة
أستاذ العربية و الأدب المقارن
جامعة انديانا
في 10/6/2009
هناك تعليق واحد:
أصبت يا أستاذ فقد أصلحتَ وأجدتَ . وأطعمتنا شيئاً من مرارة حلوى لميعتنا.. لميعة الشعر.. والعمارة.. وشاطئ نهر الكحلاء حيث ترعرعَتْ. هذه هي الدنيا تبدأ ولا تنتهي بما نشتهي. وقد قلت في الدنيا الكثير نثراً وشعراً فصيحاً وعاميّاً . ومنه :-
يا دنيه ما تِهدين .. إحجي اٌشْجرالِج؟
دومِجْ على الطَيبين .. مِتْـوَجْره نارِج
فَـيِّجْ على المسموم .. والراسه واطي
وْشمْسِج على المهموم .. وِالما يِطاطي
هَمْ هايْ دنيه وْ هايْ .. دنيه اٌتِّسَـمّه
والراح مِثله الجاي .. كِل ليله حِمّه؟
إرسال تعليق