الى الشاعر الكبير المحامي علي جليل الوردي شيخ المناضلين ونجم المجالس الثقافية في الذكرى السنوية الأولى لرحـيله ( رحمه الله )
--------- الحلقة الثالثة 10 \ 11 \ 2010 ----------
داود الرحماني
من بعض ما عرضت في الحلقة السابقة.. عرضت لكم قصيدة (توضيح موقف) التي عرض فيها الشاعر الوردي سبب احتجابه عن حضور مجالسنا الثقافية على اثر زيارة زبانية أمن النظام له وترهيبه بسبب تلك الأبيات(الملتهبة) التي ألقاها خاتماً فيها حفل تكريمه مساء يوم الاثنين 16\ 6 \ 1997..
. بعد انتهاء الحفل عدنا به الى داره (أنا والمرحوم والدي وصديقنا المشترك د.عبدالله السوداني) وكنا في غاية القلق عليه من ردود أفعال السلطة على جرأته في اختيار القصائد وانتقاء الأبيات الجريئة منها.. بعد أن أودعناه داره وودعناه عدت الى داري وتصفحت ديوانه الذي أهداه لي تلك الأمسية وهو نفس الديوان الذي قرأ فيه ما قرأ.. فوجئت بأن الشاعر كان قد انتقى تلك القصائد وطوى زوايا صفحاتها وقد أشّر بالقلم الرصاص على الأبيات التي كان ينوي إلقاءها وألقاها!.. دهشتُ لتلك الجرأة النادرة.. فبالرغم من ان تلك القصائد قد نظمت وألقيت في حقبة الأربعينيات والخمسينيات من القرن المنصرم تجد أن أغلب أبياتها تنطبق في صورها ومعانيها على ما كان يجري ويحدث في عهد حزب العائلة الدكتاتوري..وأعتقـدُ بأن شاعرنا كان قد اختار تلك القصائد وانتقى منها تلك الأبيات مسبقاً مع سبق الاصرار ولم يخطر بباله أنه سوف يَـتـّـكئ (فيما إذا سوئل) على كونها نظمت في عهدٍ مضى..تلك هي روحه وشاعريته المتمردة دوماً والتي عادت اليه وبه لتقحمه في ورطةٍ اعتادها,وإن دققتم في الأبيات أدناه لاكتشفتم ما فيها من معانٍ وصور أحرجت في حينها (حتى) الجلاّس لكنهم تناسوا ذلك الحرج في خضم تفاعلهم مع الشاعر وَ انفعالهم وهيجانهم العفوي والتصفيق وطلب الاعادة.
لله درّك سيدي أبا حسين.. كم كنت لطيفاً عفيفاً منيفاً تعلو السحاب.. وكم كنت سميراً منيراً كبيراً عالي الجناب.. فيا عمّاه لا تحزن ولا تعبأ بالذين تناسوك من القائمين (عفواً الجالسين) على كراسي الثقافة!؟ فالخير والبركة في مريديك وأصدقاءك ...فأنت أنت شاعرهم المفوّه الذي لايشق له غبار.
إلـى الأمــــام
ألقاها في الاحتفال الأول الذي عقده الحزب الوطني الديمقراطي في الكاظمية عام 1946وهي من34بيت..اختارمنها الشاعر هذه الأبيات أدناه وألقاها بيننا
----------------------
لا الحفـلُ حفـلٌ.. وَلا الأشعار أشعارُ....إن ْ لمْ يُحطـِّــمْ صروح الظلمِ أحرارُ
كفى هوانـاً وَ ذلاّ ً أن ْ نـرى وَطـنــاً....تعـيـث فـيـه مَـخـانـيـــث ٌ وَ أشــرارُ
من كلّ ِ قـذر ِ ضميـر ٍ لا خـلاقَ لـهُ.... وَمِن صفـيـق ٍله في الشـرّ ِ أوطـارُ
يَـزهى بــِـلبْـدةِ ليـث الغاب منـتـفخاً ....لكـنـه ثـعـلـبٌ فـي الـرَوع ِ .. فـَـرّارُ
يزجي بضاعـته الشـوهاء مفـتـخراً ....وليس ذا بــِــعَـجيب ٍ فــَهْـوَ سمسارُ
***************
وَمستغـلـين مهما خادَعوا اٌفتضحت ْ....أعمالهم وَاٌنــْـجَـلـْـت ْ عنهن َّ أستارُ
من كل محتـَـقـَـر ٍ في ثوبِ محتـَـرَم ٍ ....وَخيـِّــر ٍ وَ له ُ فـي الشـرِّ مِـضمـارُ
داسوا الرقاب من الشعب الجريح كما....يدوسُ حـنـجـرة المِـعــْــزاة جـَــزّارُ
فـَيا بُـناة َ صروح الظـلم ِ وَيـلـُـكــُــمُ ....ألموج ُ يـزبــد ُ وَالتـيــار هــــــــدّارُ
مهما طغـيتمْ .. وَمَهما طال حكمَكـُـمُ .... فـإن َّ صـرحكـُـمُ حتـمـاً سَـيـنـهـــارُ
****************
إيــــهٍ فراعِـنة الإقطـاع .. لا هطـلت ْ....على ربوعكـُـمُ الظلماء ... أمطــــارُ
لنـا عليــكــمْ حسـاب ٌ لا شفـيـعَ لــه .... يوماً.. وَ ليس بــِـمُـجْـد ٍ فيه أعـذارُ
كم ارتكبتـمْ من الإجرام في وَطــــن ٍ .... رَماهُ من كيـدكمْ ..فــقــرٌ وَإعســارُ
تشقى الألوف وتمتصـّـون جهدهمو .... بلا حيــــاءٍ .. كأن َّ الناسَ أبقـــــارُ
كـذبتمو .. وَأثـمْـتــمْ .. إنَّ أيديَــــكمْ .... في راحهـــا مـن دم الإنـســان آثـارُ
كـمْ مهجــةٍ تـتــَــلوّى في مخالبكــُـمْ .... تـضج ّ ُصارخة ً فــَـلـْـيُـؤخـذِ الثــارُ
فـأنـتـمُ الظـلـم في أجـلى مـظـاهــره .... وَأنـتـمُ الرجسُ والخذلان والعـــــارُ
****************
إلى الأمـــام .. فلا حق ّ ٌ يُـنــال إذا .... لم تجر ِ مِـن مُهج ِالأحـرار أنهــــارُ
وقبر غاصبكـمْ قد عــُـد ًّ من زمـن ٍ .... والحق ّ ُ مِـعوله ُ وَ الوعيُ حـفــّـارُ
---------------------------
يــا مِـصـرُ
قصيدة تتألف من50 بيت ..اختار منها الشاعر الأبيات أدناه.. وكان قد أنشدها في الإحتفال الذي عقده الحزب الوطني الديقراطي مع حزب الجبهة الشعـــــبية
في31 تـشرين1عام1951بمناسبة رفض حكومة النحاس(في مصر) مشروع الدفاع الاستعماري..نشرت في جريدة صـدى الأهالي في1 تـشرين2عام1951
--------------------------
خـفـقـت ْ لموقـفـكِ القـلوب ُ .... وَمَضت تـؤيّــدكِ الشعــوب ُ
وَارتــاع َ مِـنــكِ مُـنــــاوئ ٌ .... وارتاح مهـضوم ٌ حــريـب ُ
يا مصـرُ...والأحــداث للأجـــــــــيال ِمُـمْـتـحِــن ٌ رهــيـــــــب ُ
فـلـئِـن ْ دجــا ليل الكفــــاح .... فـفـجـره الآتــي قــريــــــب ُ
فــدمُ الضحــايـا لا يـضيـــع ُ.... وَكمْ تـضـَـوَّعَ منه طـيــــــب ُ
وَمفاخــرُ التاريــخ يُــمليها المناضــــل ُ.. لا الخــطــيــــــــب ُ
وَالحق ّ يـدركـه الـدم ُ المسـفـوك , لا الدمـع السـكـيـــــــــب ُ
يــا مصـرُ .. ذا شعــب العــراق وَ إنـه شعــب ٌ سَـلـيــــــــب ُ
عــانــى مِـن الأهـــوال مـــا .... يُـصمي القلوب وَما يُـشيب ٌ
وَ طغـى به ِ الإرهاب حيـن تغـطـْـرسَ الـباغــي المريــــــــب ُ
وَأتـى عـلـى حـرَم ِ الــكــــرامــةِ فـيـهِ .. طــاغ ٍ لا يــثــــوب ُ
يا مصرُ.. تـزدحم الخطوب ُ.... وَمصائـب الدنــيا ضـُــروب ُ
وَ طريــــقُ كـــلّ مناضــــل ٍ.... وَعـــر ٌ وَمَـسـلكـهُ رهـيــــب ُ
----------------
وعي الشعب
تلك القصيدة الملتهبة التي ألقاها الشاعر في المؤتمر السادس للحزب الوطني الديـمـقـراطي الذي عـقد في سينما النجوم في 27 تشرين الثاني سنة 1953 وصادفت الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة تشرين 1952.. نشرت في جريدة الأهالي وتتألف من53 بيت..وقد اختار منها الشاعر الأبيات أدناه وألقاها بيننا
-------------------------
أعـِــد ْ ذكـرهـا مثــلاً سائِــــــرا .... وَ جـدِّد ْ بها عـزمـك القـاهـِـــرا
وَسِـر بـالكِــفــاح لِــغـايـاتـــــــه .... تـُـحقــِّـق ْ به الأمــل الناضِـــرا
وَلا تـنخـدِع بـوعـــود الطغـــاة .... وَلا تـرهَـب المـدفـع الـزاجـِــرا
وَمــا ضـاع حـقّ ٌ له طـالـــب ٌ .... يُـنـافِـح ُ عـن حوضـــهِ صابـِـرا
وَليس كـَـمِـثـْـل دماء الشهـيــد .... قــوىً تمحـق ُ الظالـم الداجـِــرا
وَمهما يَطـُـلْ عـمْـر سفـّـاكــــه .... فــإن ّ لـــه يـومــه ُ الــدائـِـــــرا
عجـِـبْــت ُ لِـذهنيـّـة الحاكميــن .... وَ أقــْــصِــرْ بهِ نـَـظـَراً قاصِــرا
ألا خـــابَ فـألـهـُــمُ خاسِـــئـــــاً .... وَ خابَ مُكابــِـرهــُـم خاسِــــــرا
--------------------
وَقـفــت ُ وَ بغـــــداد لا تأتــَـلي .... تـرجـِّعُ ما يُـفجـِــع ُ الخاطِـــرا
سجون تضيـق بخيـر الشبــابْ .... وَ بـاغ ٍ تــَــصدّى لهم ْ زاجـِـرا
يُهيـن ُ كرامَـتــهــُـم شـامـتـــــاً .... وَ يَهـتـكُ حرمَتـهـُــم قاسِــــــرا
وَيـصليهـُـمُ تحت جنح الظـلام ْ .... رَدىً حامِـيـاً وَ لـَـظـىً ساعِـرا
وَينسلّ مثل اٌنسلال اللصـوصْ .... لِـيـخـفـي جـنـائِـزهـُـم طـــامِــرا
وَمِن ْ نـَـكــَـد ٍأن ْ يُـدان البريء .... وَيـتـرك َ مُـقــتــَــرِفٌ ســـــادرا
سألت ُ وَ قـد يَـتـَغـابـى الأديــب .... إذا كـان مِـن حالـــهِ ســاخِــــرا
أ لِـلحكم بالشعب أن ْ يـسـتـبـد ّ .... وَ يـعــبـث ُ في حكـمهِ جائِـــرا؟
وَ لِـلِـشعب أن يـنحني خاضعاً .... وَ يـحـمـل أوزاره صابــِـــــرا ؟ّ!
-----------------------
أقوى من الموت
قصيدة تتألف من 41 بيت..اختارمنها الشاعر الجزء المدرج أدناه لإلقائه بيننا وكان قد ألقاها عام 1954 في الاحتفال الذي أقامه الحزب الوطني الديمقراطي بمناسبة ذكــــرى ثورة 30 حزيران عام 1920 .. ثورة العشرين المجيــــــدة
--------------------
أقوى من الموت إن ْ وَنـّـى وَإن ْ وَثبـا...شعـبٌ له سِـفــْـرُ مجـدٍ بالـدِما كــُــتِـبــا
أعــيا الطغــاة .. فما لانـت ْ عَـريكـتــهُ...ولا اٌستكان َ ولا اٌستخــذى وَلا رهِـــبـا
بـل شـبَّهـا.. مثـلما أمْـلـت ْ كـــــرامـتـهُ...شعـواء تحمـل في طـيّــاتــها العَـطــَــبا
أعِــد حـزيـران ذكــراهـا فــإن ّ لـنــــــا...بها لِـمسـتـقـبـل ٍ نـصـْــبـو له سَـبَـبـا
والشعب ُ إن رامَ أسباب الحياة دَنــَــتْ...كـما يـريــد ُ .. وَ دانت ْ مثــلما رَغـبــا
تـاللهِ ما يــوم كانـــون ٍ بـِـغـاربَــــــــةٍ...عـَـنـّـا رؤاهُ وَلا تـشـريــن قـد غـرَبــا
هذا هوالشعب..عاش الشعب منتصراً... وَعاش جـانبه المـيـمـــون مرتــَـهَـبــــا
عجبـت ُ كيف يجوع الشعب في وَطـن ٍ...خيــراته تـمــلأ الوديـــان والكـُــثــُــبــا
--------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق