اكلات شعبية
تشتهرا لاهوار بعدة أكلات لذيذة أبدع فيها السكان وصارت صفة مميزة ومحببة لدى الكثيرين ، ويلعب الهور وما يدره من خيرات دوراً كبيرا في خصوصيتها ، ومن هذه الأكلات:
1 ـ الطابك : وهو نوع من الخبز السميك من دقيق الرز (طحين تمن) يتم شواءه على قرص يصنع من الطين يتراوح قطره بين 50 – 100 سم ويصل سمكه إلى حوالي 4 سم تمتاز نساء الهور
بصناعته.
وتهيأ النساء العجين الخاص بهذا النوع من الخبز – والذي سمي بـ(الطابك) نسبة للقرص الطيني الذي يشوى عليه – من خلط دقيق الرز (طحين تمن) بالماء ليكون قوامه سائلا نوعا ما وليس متماسكا مثل العجين المعد للخبز العادي ، ثم يوضع (الطابك) على مسا ند طينية تسمى (مناصب) مفردها (منصبة) لرفعه قليلا حتى يكون ممكنا ترتيب (المطال) – مفردها (مطالة) وهي أقراص مصنوعة من روث الحيوانات وبالذات الأبقار تستخدم عادة في مواقد بيوت أهل الهور للتدفئة والطبخ – تحته ، ويتم اشعال النار وتترك فترة من الزمن ليكتمل احتراقها وتصبح على شكل جمرات لا دخان فيها ، ثم يتم قلب (الطابك) الى جانب الموقد بحيث يكون وجهه الساخن المحمر الى الأعلى ، بعدها يتم سكب العجين المعد سلفاً على هذا القرص الساخن وتتم تسويته ليكون منتظم السُمُك ويوضع عدد من أعواد (البردي) الاخضر على سطح العجين ليكون كمشبك لوضع (الجمر) عليه ، ثم ينقل (الجمر) من الموقد ويبسط على المشبك المذكور ويتم تقليبه والعناية به الى ان يكتمل شواء العجين ، بعد ذلك يتم تقطيع الخبز (الطابك) الى اجزاء ويقدم مباشرة للأكل ، وعادة مايكون مع (الطابك) سمك مشوي بأنواعه المختلفة التي يجود بها الهور مثل:
(الشلك ، البني ، الكطان ، الخشني ، الشبوط ، العَجِد) وغيرها ، ويتم شواء السمك على نار (المطال) إثناء تسخين (الطابك) ، ومن المقبلات المشهورة في هذه الوجبة (الطرشي) والبصل.
2 ـ السيّاح : وهو نوع من الخبز الرقيق من دقيق الرز (طحين تمن) يتم إعداد عجينه بنفس الطريقة المذكورة في اعداد (الطابك) ويكون أكثر سيولة منه ، ثم يسكب العجين السائل على ظهر قرص معدني مقعر إلى الأعلى يسمى (صاج) ، ويستند (الصاج) على (مناصب) أيضا ويتم إشعال النار تحته باستعمال القصب اليابس لتكوين (مشعل) حيث يكون ذا لهب منتشر ليغطي السطح السفلي للـ(صاج) تماماً.
وعند سكب العجين على (الصاج) تتم تسويته باليد ليكون سُمْكُه منتظماً وأقل ما يمكن ولهذا لا يستغرق (السيّاح) وقتاً طويلا حتى ينضج ، ثم ترفع (السيّاحة) –وهي مفرد سيّاح – وتسلم فورا لأعضاء الأسرة للأكل ، ويمكن أن يكون مع (السيّاح) سمك مشوي أو غيره.
ويوجد أشخاص من أهل الجبايش اشتهروا بإمكانية أكل عدد كبير من (السيّاح) في جلسة واحد
3ـ المصموطة : وتعتبر هذه الأكلة مشهورة جدا رغم بساطتها ويتم دعوة المقربين لتناولها ومادتها الأساسية هي السمك الجاف ، حيث يتم تجفيفه بعد إضافة الملح إليه في الهواء الطلق لمدة كلما طالت كانت (المصموطة) الناتجة ألذ ، ثم يتم سلق السمك الجاف بالماء وإضافة المواد الأخرى كمطيبات مثل (نومي بصرة) والبهارات وغيرها ، وتؤكل (المصموطة) مع خبز التنور الساخن والبصل الذي لا غنى عنه.
وقد غنى بعضهم:
صارت حسبتنه مضبوطة
باجر غدانه مصموطة
بني وكطّان
أكل المعدان)!!
4 ـ الجباب : أي (الكباب) ويختلف هذا (الجباب) عن (الكباب) المعروف في أن مادته الأساسية هي السمك وليس اللحم الأحمر ، حيث يتم تهيأة السمك وتقطيعه ثم يُدَق في (جاون) –وهي اسطوانة خشبية مفتوحة من الأعلى تستعمل لتنعيم بعض المواد بالدق عليها بعمود خشبي – ويضاف إثناء الدق الدقيق والمواد الأخرى مثل (نومي بصرة) و (بطنج) والملح والبهارات وغيرها ، وبعد أن يصبح الخليط مثل العجين يتم عمل (الجباب)منه بتشكيله باليد على شكل أصابع مستدقة النهايات يتم سلقها أو قليها لتكون جاهزة للأكل.
5 ـ دجاج ماي : وهو نوع من الطيور المهاجرة التي تأتي إلى الأهوار شتاءاً ، ويتم صيدها بعدة طرق مثل بنادق الصيد والشباك وغيرها.يكون لون ريش (دجاج الماي) أسودا –ويستفيد منه أهل الهور لعمل الوسائد – أما منقارها فهو أبيض ، ويتم طبخها لعمل الحساء (المرك)حيث يتم حشوها بالزبيب (الكشمش) والرز والبهارات والمواد الأخرى وتؤكل مع الرز أو مع ثريد الخبز (تشريب).ويمكن ملاحظة أن أغلب الأكلات يكون مصدر مادتها الأساسية هو الهور والعامل المشترك فيها هو السمك تقريباً. يزخر الهور بأنواع كثيرة من الطيور المهاجرة وغير المهاجرة في جميع المواسم ، والمهاجرة منها تأتي إلى الهور في موسم الشتاء من مناطق سيبيريا وغيرها حيث تتخذ الهور مشتى مناسب لها ، وقد لاحظ الصيادون وجود أقراص مربوطة في أرجل الطيور تتضمن بعض المعلومات عن الطيروالمنطقة القادم منها. وتعتبر الطيور مصدر مهم لمعيشة السكان حيث يتم صيدها وبيعها وتمتاز بلحمها اللذيذ ويستفاد من ريشها أيضا في عمل الوسائد.
ومن الطيور التي يتم صيدها لغرض الأكل: (البَرْهان ، الخضَيْري ، البِرْبِشَة ، المسِكَّة ، الحِذّاف ، دجاج الماي) وغيرها ، ويعتبر (الخضيري) من أغلى الطيور ثمنا وأجملها شكلا وسمي بهذا الاسم لأن لون ريشه أخضر زاهي في الرقبة والصدر ومطوّق بلون أبيض في الرقبة.أما الأنواع الأخرى من الطيور فهي:
1 ـ الرّخَيْوي : ويمتاز برقبته وسيقانه الطويلة ويعتاش على الأسماك والأحياء الصغيرة الأخرى ، ويحتمل أن يكون هو (مالك الحزين).
2 ـ السمَيْجي : أي السَمَكي وهذا مختص باصطياد السمك بطريقة دقيقة وذكية حيث يرصد وجود السمكة الصغيرة من ارتفاع يصل إلى 5 أمتار تقريبا فيتوقف ويظل يرفرف جناحيه ويراقب فريسته بدقة إلى أن يحدد اللحظة المناسبة فينقض عليها كالصاروخ من هذا الارتفاع ويغطس في الماء حيث توجد السمكة ثم يرتفع فورا ممسكا بالفريسة بمنقاره المدبب.
3 ـ الطَطْوَة : وتمتاز بحجمها الصغير وصوتها المميز.
4 ـ البرَيْزجي : ويمتاز بكونه غطّاس ماهر حيث يحتمي بجوف النهر حين يشعر بالخطر ويظهر إلى السطح بعد فترة حين يشعر بزوال الخطر.
5 ـ الغراب : طائر الشؤم الحزين وهناك نوعان منه النوع الذي يكون لون ريشه أسود وأبيض والآخر يكون لون ريشه أسود بالكامل.
6 ـ الغَرْنوك : ويمتاز بجمال شكله حيث يصف به أهل الهور كل فتاة جميلة ، وقد وصف به المطرب الراحل (داخل حسن) المذيعة (نضال فاضل المهداوي) حين قابلته في التلفزيون وغنى لها:
(غَرّيد أغيّد غنِج غرنوك واشهال) فسألته (نضال): (شنو غرنوك عمو أبو كاظم؟؟) فرد الراحل: حلو مثلج!!!.
7 ـ مطّاكة .
8 ـ جليب ماي : أي كلب الماء.
9 ـ الكرسوع.
10 ـ اللقلق.
11 ـ نعيجة ماي: أي البجع.
12 ـ البعيجي.
13 ـ زيطة.
أما الأسماك التي تعيش في الهور فهي أنواع كثيرة منها:
1.الكطّان : ويعتبر من أحسن الأنواع وأغلاها.
2.الحِمْري : وسمي كذلك لان لون أصدافه يميل الى الحمرة ويعتبر من الأنواع الرديئة التي لا تجد قبولا عند أهل الهور في الأكل.
3.الخِشْني : وهي أسماك صغيرة الحجم يتم اصطيادها بكميات كبيرة ورخيصة الثمن.
4.العَجِد : وهو (كطان) صغير الحجم.
5. دكّاك الصخر: أي دقّاق الصخر يمتاز بلونه الأصفر ويقول أهل الهور انه يدق الصخر ويتغذى عليه!!.
6.البني.
7.الشلك.
8.الشبوط
. وثمة خصوصية ومواسم لأكلات معينة،وكأن أريد لها أن لاتأكل بغيرها. فلو طبخت مثلا(الهريسة) (4) بغير عاشوراء العراقي، فليس لها نفس المذاق والطعم النفسي.ولكل طبخة أوانها اليومي، فخبز (السياح) لدى الجنوبيون لايأكل إلا صباحا، وفطيرة (الطابك) لاتأكل إلا ساخنة في الغداء. وفي سياق أكلة (الطابك) التي فحواها أن يغرس السمك بعجينة الرز وتطبخ على قاعدة طينية مسخنة، مع جمر البردي الذي يغشيها من الأعلى. وهي تحاكي أكلة (خبز العروق) واسعة الانتشار في العراق،و التي يغرس بها اللحم في عجينة القمح وتخبز بالتنور، بما يجعلنا نتسائل عن الريادة والأصل، بالمقارنة مع أكلة (البيتزا) الإيطالية، التي أمست أكلة عالمية قبل أن تغشى بالجبنة لاحقا. ولا نستغرب أن تكون إقتباسا أو تقليدا أقدم تداولا . ونتسائل هنا هل يمكن أن يروج لأكلة (الطابق) أو خبر العروق عالميا كما روج لـ(لحم بعجين) في تركيا والبلقان والتي تعتمد نفس المبدأ. وثمة الكثير من المتشابهات في أكلات الشعوب، فمثلا أخبرني أحد الأخوة الأكراد بأن تغميس الجوز بالعسل هي أكلة كردية محضة لا يرقى إلى خصوصيتها الشك،ولكني وجدتها لدى أهل جبال الكربات في رومانيا وعموم البلقان وكذلك عند أهل القوقاس، فأي منهم ياترى كان السباق ورائد ذلك التذوق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق