مـديـنـة الـعـمـارة تـأريـخـيـا
جبار عبدالله الجويبراوي:
تشير أغلب المصادر الى أن (ميسان) دويلة نشأت في جنوبي أرض بابل تحت حماية السلوقيين (311ق.م ـ 247ق.م) عندما ضعف شأنهم في الفترة الواقعة بين عامي (223ق.م ـ 187ق.م) استقلت ثم تدرجت في سلم القوة واصبحت دويلة مهمة.حكمها ثلاثة وعشرون ملكا ما يقارب ثلاثة قرون ونصف وبالتحديد ما بين عامي 129ق.م ـ 225 ميلادي... وانها أدت دورا بارزا في الاحداث السياسية والاقتصادية في العراق خلال الفترة من منتصف القرن الثاني قبل الميلاد الى الربع الاول من القرن الثالث للميلاد. وميسان في الآرامية تعني المدينة المحاطة بالمياه.وميسان في العصر الاسلامي كانت مدينة واسعة كثيرة القرى والنخيل بين البصرة و واسط فيها قبر (العزير النبي) و (عبيد الله بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ويتبعها اداريا المذار والبطائح. وكان المثل يضرب بخصوبتها، فتحت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على يد القائد العربي (عتبة بن غزوان المازني).وأما العمارة فان كانت عُمارة ـ بضم العين والمقصود بذلك (عمارة بن الحمزة) الذي عينه الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور (136 هـ ـ 158هـ) على كور دجلة الذي يشمل ميسان ودستميان وأبرقباذ وضمت له ولاية البصرة وما تبعها وحدود كور دجلة تنتهي بحدود واسط المقابلة لكسكر.وان كانت عَمارة ـ بفتح العين ـ ومعناها التجمع العشائري اذ العَمرة والعَمارة.وان كانت عِمارة ـ بكسر العين ـ ومعناها تسمية جديدة لبناء جديد ويضاف اليها (أل التعريف) لتثبيت المعنى وتحديده.وقد ذكرت العمارة في مصنفين لأديبين قبل ما يقرب من أربعة قرون. وذكر اسم العمارة ونهر العمارة وكوت العمارة في عدة مؤلفات قديمة لا تقل عن الخمسة عشر بين مخطوط ومطبوع فيها العربي والتركي والفارسي والايطالي والفرنسي والانكليزي.وورد اسم العمارة في الرحلات. واقدم من وصلها سباستياني في عام 1656م وفي رحلته يتحدث عن العمارة والمنصورية والمجر وقصر وربما كانت جزرا مسكونة حيث يتلاشى نهر دجلة في الرحلة الثانية يتحدث عن العمارة كقرية تبعد عن بغداد ثلاثة أيام وفيها انكشاريون أنزلوه في دار الكمرك كان ذلك في 1658م.واخيرا فان العمارة من أعمال الوالي العثماني محمد نامق باشا (1278هـ ـ 1284هـ) (1861ـ 1867م) الذي انشأ معسكرا على نهر دجلة عرف (بالاوردي) أي الفيلق ثم توسع بعد ذلك فأصبح مدينة كبيرة يقال لها (العمارة) وقد تولى قيادة الفيلق القائممقام العسكري المقدم (حسين بك) ثم خلفه بعد ذلك (محمد باشا الديار بكرلي) الذي شيد سوقا في المدينة أطلق عليه اسم الباشا... كما شيد بعض المباني الكافية لايواء الجنود فتوافد على اثر هذه الحركة العمرانية كثير من الاشخاص من أماكن متفرقة فشيد المباني التي اطلق عليها العمارة نسبة الى العمران والأبنية التي شيدت فيها وبقي الوضع مشمولا بالحكم العسكري سنة كاملة هي سنة 1278 هـ ـ 1861م.في نهاية تلك السنة صدرت الادارة الشاهانية من (ستانبول) بجعل العمارة مركز قضاء تابع لولاية البصرة وعينت وزارة الداخلية في الاستانة (عبدالقادر الكولمندي) بوظيفة كاتب عشائر ولاية البصرة قائممقاما للعمارة الذي أنشأ محلة (القادرية) وأنشأ فيها المسجد الكبير والمنارة الموجودة فيه وقد أرخ الشاعر البغدادي عبدالغفار الأخرس تاريخ تأسيس العمارة بقوله:عمرتموها فغدت عمارةكما أردتم لمراد الخاطرفقل لمن يسأل عن تاريخهاقد عمرت ايام عبدالقادر 1861 ميلاديةويقع سنجق العمارة على الشاطئ الشرقي من نهر دجلة وهو مكان فيه صفاء وفي المدينة دار الحكومة (السراي) وثكنة عسكرية ومكتب تلغراف ومركز كمركي والادارة النهرية ومدرسة رشدية ومئة وخمسون دكانا ومدرسة ابتدائية وثلاثة حمامات وألف منزل ما عدا بيوت القصب وسكانها من (8 ـ 9) الآف شخص وفيها الادارة السنية وهي دائرة حكومية تتولى الاشراف على املاك السلطان ويستغرق الاياب من البصرة الى العمارة بطريق النهر (24 ساعة) ويستغرق الذهاب (12 ساعة) بسبب جريان الماء.ومن ملحقاتها القئممقاميات ( 1ـ الشطرة (قلعة صالح) (2ـ الزبير (الكحلاء) (3ـ دويريج (الطيب والحلفاية).ومن نواحيها:ـ1ـ علي الغربي.2ـ علي الشرقي.3ـ المجر الكبير.4ـ المجر الصغير.وتدين العمارة في تطورها لموقعها الممتاز حيث تبدو للناظر من سطح السفينة جميلة وذلك بفضل (كورنيشها) الذي تمتد عليه في خط واحد بيوت تتألف من طابقين مبنية من الطابوق وتقسمها الى محلات منفصلة عدة شوارع عريضة ومستقيمة.أن هذه الواجهة الجميلة تبدو كما لو انها ديكور يخفي وراءه العمارة الحقيقية بأبنيتها الطينية وصرائفها وبساتينها وحقولها المحروثة.وتتألف العمارة من المحلات:ـ1ـ القادرية (الجديدة):ـ وهي أول محلة بنيت في العمارة وكانت فيها منارة أثرية بناها عبدالقادر الكولمندي الذي صار متصرفا لها في الفترة (من 1861م الى 1866م).2ـ السرية:ـ وهي المحلة التي بناها سري باشا متصرف العمارة في العهد العثماني (1871 ـ 1874م).3ـ السراي: سميت باسمها لقربها من سراي الحكومة والسرية والسراي: المحلتان مندمجتان من جهة الشمال على كورنيش امتداد دجلة قبل تفرعه الى الكحلاء والمشرح وفي السراي توجد منطقتان احداهما السوارية وهي مكان لوقوف خيول الشرطة العثمانية (الجندرمة) والمنطقة الاخرى السالمية وهي المنطقة القريبة من بيت المحافظ الان وقد سميت بالسالمية نسبة الى الحاج سالم محمود الحاج مهدي الدفاعي وظلت تذكر بهذا الاسم الى اواخر الاربعينيات.4ـ المحمودية:ـ سميت نسبة الى التاجر العماري محمود الحاج طه حيث كانت تقع ضمن حدود بستانه.5ـ الصابونجية:ـ سميت باسمها لوجود معمل لاستخراج الصابون فيها والمحلتان (المحمودية والصابونجية) مندمجتان والصابونجية اقرب الى السوق.6ـ الشبانة:ـ وهي المحلة التي تقع على الجانب الايمن من نهر دجلة والشبانة محل الجيش التركي وكانت حدودها تمتد من البستان المقابل الى بيت المحافظ اليوم الى نهر الماصخ وهو (نهر مندرس حيث كانت اثاره تقع قرب العيادة الشعبية اليوم في المركز الصحي في حي القاهرة (الالبان).7ـ الدبيسات:ـ تقع شمال شرق العمارة عبر نهري المشرح والحكلاء وكانت محلة الماجدية التي استحدثت عام 1939 في زمن المتصرف ماجد مصطفى (5 / 10 / 938 ـ 1 / 5 / 1941م) تقع ضمن محلة الدبيسات القديمة واما منطقة بستان عواشة وبستان الجدة فكانت بساتين من جهة الجنوب وليس فيها سوى سبعة دور متشابهة وهي قصور اثرياء المدينة وتدعى (سبع قصور).
هناك تعليق واحد:
بسم الله الرحمن الرحيم
ان اعرف بان كثير من اعل العمارة من الكورد الفيليين ولهم دور مشرف وعريق في هذه المدينة ولكن يتم الغاء وجودهم وتاريخهم لااعرف بصورة غير متعمدة ام هو فكر الالغاء والمحو التاريخي المعروف لدى اخوتنا في الدين والمذهب لاادري جاوبني
إرسال تعليق