الحدائق العامة مكان لهروب كبار السن في العمارة
ميسان/ للزميل المرحوم محمد الحمراني
الكثيرون من كبار السن في العمارة بدأت تزعجهم البيوت الحارة والكهرباء المقطوعة لذا اقاموا مايشبه الاحتجاج الجماعي فتركوا البيوت للنساء والاطفال وبدأوا يقضون ساعات طويلة في الحدائق العامة...الحاج جاسم محمد يقول عن هذا الموضوع مايلي: طبعا الحرارة هي السبب وكذلك الاطفال الذين يبكون باصوات مرتفعة ويزعجوننا فبدأنا نحن بعض المتقاعدين وكبار السن في اللجوء إلى حدائق شارع دجلة وسط العمارة وفي هذا الشارع توجد العديد من الحدائق التي تحولت إلى كازينوهات ويوم بعد اخر بداء كبار السن يجتمعون حول طاولات الدمينو والطاولي والشيشة وبعضهم شكل روابط تهتم بالمتقاعدين وآخرون شكلوا روابط ثقافية...لذا وجودنا في الحدائق نوع من الهروب من مشاكل المنزل.الاستاذ امير الامين وهو معلم متقاعد قال حول هذه الظاهرة مايلي: الكثيرون من كبار السن كانوا يعملون في دوائر مختلفة ولهم صلات وتعارف سابق ولكن الحرب الاخيرة فرقتهم وبدأ كل واحد منهم يجلس في منزله ولكن حرارة الجو في هذا الصيف القاسي جعلت بعضنا يهرب إلى الحدائق وفيها بدانا نجمع أصدقاءنا ونتواعد للجلوس في مقهى محدد لنكون على تواصل مستمر.السيد علي خيون قال: انا حقيقة هارب من العائلة فهم يطلبون مني ان اذهب إلى (الصمون) وكلك إلى البنزين والغاز والتسوق وانا رجل كبير في السن وأولادي لا يقدرون كبر سني ويعتبرونني فائضاً عن الحاجة فيقولون لي انت بلا عمل فاجلب لنا هذه الاشياء وانا ارفض ان تكون مهمتي في الحياة هي تقديم الخدمات لمن هم أصغر مني عمرا لذا انا التقي اصدقائي في الكازينوهات لنتحدث عن ذكريات الشباب وعن المشاكل اليومية طبعا ونخوض مباريات في الدومينو وكل ما نريده هو البحث عن لحظات السعادة.السيد سامي جاسم ضابط سابق في الجيش قال: بيوتنا اصبحت حارة وفي هذا الصيف عشنا قسوة كبيرة بسبب ازمة الوقود وانطفاء الكهرباء الابديلذا نحن كبار السن نهرب من البيوت من اجل الحصول على الراحة ولو لساعات قليلة.الدكتور ايهاب احمد متخصص في علم النفس قال عن هذه الظاهرة: الكثيرون من كبار السن ليست لديهم الطاقة للتعامل مع باقي افراد العائلةفهم يتمنون ان يعيشوا في حياة مستقرة لاتوجد فيها مشاكل ويبحثون عن وسائل الراحة التي هي الان غير متوفرة في اغلب بيوتنا الفقيرة حتى انني في عيادتي بدأت اطلب من كبار السن الذين يراجعونني بعدم سماع الاخبار والنزول إلى الشارع والاستمتاع مع اصدقائهم في الحدائق والمقاهي لان في ذلك ترويحاً عن النفس من الضغوطات التي تطوق حياتهم وفرصة للخروج من الانزواء الذي يولد الكآبة لدى كبار السن.اذن الحدائق العامة في العمارة هي مكان لهروب كبار السن من الحر ومشاكل العائلة واخبار الحروب والموت الذي تزفه لنا الفضائيات يوميا وكذلك توفر جواً من السعادة والشللية ربما تذكرهم بايام الشباب لان بعضهم يقضي يوميا اكثر من عشر ساعات في هذه الاماكن والبعض الاخر يقول الحدائق هي المتنفس الوحيد لنا في العمارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق