والدي المرحوم الحاج عبدالرحيم الرحماني كان من بين أصدقاء الشاعر الساخر الكبير المرحوم عبود الكرخي .. وحينما كان الكرخي يزور مدينة العمارة كان يقضي جلّ أوقاته في مكتبة والدي التي انشأها في العشرينيات من القرن الماضي..وتلك من المسلّمات..فشاعرٍ وصحافيٍّ مثل الكرخي لابد له من الإحتكاك بأمثال والدي الكتبي الوحيد والناشـر والموزّع لإصداراتـه من صحفٍ وَ دواوين..الخ.
وبينما كنت أتصفّح مفكرة والدي لسنة 1932 م عثرت على بيت من الشعر منسوب الى الكرخي يقول فيه: . هَــمَـداني قـْـرانْ سِـــــكّه بــِـلِـعْـماره خْـضوري عِـــكّــه
وسألت والدي عن ماهيّة هذا البيت اليتيم فأخبرني بأن لهذا البيت قصة طريفـة لخّصها لي قائلاً :- كنتُ يا ولدي مسؤولاً عن بيع وتوزيع واستلام الاشتراكات السنوية لجريدته ( الكرخ ثم صدى الكرخ ) ولم يكن أحد له الجرأة على الامتناع عن دفع الاشتراك أو الغاءه للسنة القادمة!( حيث وين يروح من لسان الكرخي اللاذع .. فإذا( نِـتَـفه) ببيتِ شعرٍ من نقده الساخر الموجع.. يطيِّـح حظّـه)! من هنا...كان الوجهاء وشيوخ العشائر والنواب وحتى الوزراء لا يجرؤون على الإمتناع عن تسديد الاشتراك السنوي ومنهم من كان يدفع ضعف أو أضعاف مبلغ الاشتراك بِـحجّة إسناد ودعم الصحيفة والحقيقة كانت هي ( ﭽـفيانْ شَـرْ مُـلّه عْـليوي)...نعود الى خضوري عكّه ذلك اليهودي الذي وصفه والدي بأنه من أوسخ اليهود العماريين هنداماً وأبخلهم بالاضافة الى أنه كان أعـور. قال لي:- ان خضوري هذا لم تكن لديه الرغبة في تجديد اشتراكه في الصحيفة بالرغم من مديونته لجزء من القسط السابق ويمتنع عن الدفع (أويلي يابه!). هَمْ يهودي وْ هَمْ مديونْ وْ هَمْ ما يدفع وْ هَمْ ما يجدد الاشتراك . ( يا ويلو وْ يا سَواد لَيلو).يقول والدي لقد أخبرت الكرخي بموضوع هذا الخضوري فأجابني:- يابه رحّومي (وهكذا كان ينادي والدي على الطريقة البغداديه)معقوله تِرهَم!؟إلِخضيري يدفع والخضوري ما يدفع؟ وكان يقصد بالخضيري أحد وجهاء العمارة الأغنياء . ثم أردف قائلاً لوالدي:- لا تداعيه بالمبلغ واتركه لي.. آني أعرف شغلي وياه... فما كان من الكرخي سوى ان أرسل برقية الى صحيفته في بغداد.. ووصل العدد الى العمارة بعد يومين يتصدّره هذا البيت من الشعر اللاذع بحق خضوري... مع ملاحظة مهمة تقول:- أمّا بقية القصيدة فسوف تنشر في العدد القادم.. (وهنا يكمن بيت القصيد في الموضوع؟).. فما كان من خضوري إلاّ الإسراع لوالدي وتسليمه القسط القادم مع المتأخر من القسط السابق قائلاً:- ابدالك عبدالرحيم(أي دخيلك).. إستر عليّ هاك مبلغ القسط القادم مع المتأخر من القسط السابق بس خلّصني من لســان الكرخي!... استهواني هذا البيت الطريف وكنت في اول عهدي بالشعر فنظمت عليه هذه المقطوعة الظريفة الطريفة من النقدالساخر.
بعدها اتصلت بالاستاذ حسين حاتم عبود الكرخي..كاتب سيرة جده الكرخي الكبير والناشر لدوواينه الثاني والثالث والرابع (كون ان الأول نشر في حياة الشاعر ) وحكيت له القصة .. وتفاجأت عندما علمت منه ان جدّه قد نظم القصيدة بحق خضوري عكّه وهي موجودة بين مئات القصائد المخزونة والتي لم تنشر وهي من الرباعيات..وبعد أن أسمعته مقطوعتي.. أثنى عليها واستبشر وقال لي:- جدنا الكرخي لم يرحَـل وإليكم تكملة للبيت الذي كنت اعتقد أنه وُلِدَ يتيماً. كان حديثي مع والدي وحفيد الكرخي في نهايةعام 1995 ولم يمضي على ممارستي لنظم الشعر سوى شهرين..( همداني تعني:- نعـال رخيص..ثقيل الوزن كان يستعمل في بدايات القرن الماضي.أما قران سِكّه :- فهي كنــية كانت تطلق على البخيل ( الـﮕـِحِفْ).
__________________________________
خْـضوري عِـكّـه
هَـمَـداني.. قْـرانْ سِـكّـه بِـلِعْماره خْـضوري عِـكّه
ﮔِـحِف وُ اٌمَّـلِّخـه هْـدومه اٌمْنِ الوُصَخْ لازِمْـته حَـكّه!
بَـسْ سِـمَـعْ واحِـد إجـاله قُـفَـل جزْدانه وْ مَـفَـكّه
واليِـنِـشْده اٌيْـلَعِّـب اِيـده يِـنِّغِزْ ﭽَـنْ بُـبْره ﭽَـكّه
تِـنْجـبُـرْ.. تِقـتِرضْ مِـنّه ساعه ما يِـنْـطي مَـفَـكّه
يِـلْـزَك وْ خُـفّـاشْ ﭽَـنّه بِالـمُـري ... لازم تـفُـكّه
يِـقْـفُل اٌوْ ياك اٌِبْـكَـلَبـﭽﻪ جِـيـبْ مفـتاح اليِـفُـكّـه
وْ لو تِسِأْله :- خْضوري...أجِّـل دَينَـك .. اٌ تْـلََعْـثَم تِـلَـكّه
وْ لو تُوَسِّـطْـله وْ تِحِـرجه...اٌيْـمَـتْمِت...اٌبْـلَهْجِـته رِكّـه
تِزهَـﮓ وْ لُوْ ﮔِـتْـله أعْور يِبْـﭽـي وِ يْروح اٌ يْـتِشَـكّه
حَـتّىَ بالنـظراتْ...يِـبْخَـلْ يِـفـتَح اللي بِـيهه لِـكّـه!!
خُـبز يابِـس...حـافْ أَكْــلـه..اٌبَّـطْنه ما نِزلَت التِـكّـه
حْـسابه للواحِـد وْ يوﮔَـفْ ( سَيه جِهار ) اٌيْـﮕولْ يَـكّه
كافِـر الحَـطْ إيْـده بِـيـده حِجِّـته تـبْـطَل اٌبْـمَـكّـه
الرحمـــــــ داود ــــــــاني
drahmani2004@yahoo.com
بغداد – كانون الأول 1995م ألقُـيَـتْ في عدّة منتديات..المقطوعة من مجزوء بحر الرمَل
وبينما كنت أتصفّح مفكرة والدي لسنة 1932 م عثرت على بيت من الشعر منسوب الى الكرخي يقول فيه: . هَــمَـداني قـْـرانْ سِـــــكّه بــِـلِـعْـماره خْـضوري عِـــكّــه
وسألت والدي عن ماهيّة هذا البيت اليتيم فأخبرني بأن لهذا البيت قصة طريفـة لخّصها لي قائلاً :- كنتُ يا ولدي مسؤولاً عن بيع وتوزيع واستلام الاشتراكات السنوية لجريدته ( الكرخ ثم صدى الكرخ ) ولم يكن أحد له الجرأة على الامتناع عن دفع الاشتراك أو الغاءه للسنة القادمة!( حيث وين يروح من لسان الكرخي اللاذع .. فإذا( نِـتَـفه) ببيتِ شعرٍ من نقده الساخر الموجع.. يطيِّـح حظّـه)! من هنا...كان الوجهاء وشيوخ العشائر والنواب وحتى الوزراء لا يجرؤون على الإمتناع عن تسديد الاشتراك السنوي ومنهم من كان يدفع ضعف أو أضعاف مبلغ الاشتراك بِـحجّة إسناد ودعم الصحيفة والحقيقة كانت هي ( ﭽـفيانْ شَـرْ مُـلّه عْـليوي)...نعود الى خضوري عكّه ذلك اليهودي الذي وصفه والدي بأنه من أوسخ اليهود العماريين هنداماً وأبخلهم بالاضافة الى أنه كان أعـور. قال لي:- ان خضوري هذا لم تكن لديه الرغبة في تجديد اشتراكه في الصحيفة بالرغم من مديونته لجزء من القسط السابق ويمتنع عن الدفع (أويلي يابه!). هَمْ يهودي وْ هَمْ مديونْ وْ هَمْ ما يدفع وْ هَمْ ما يجدد الاشتراك . ( يا ويلو وْ يا سَواد لَيلو).يقول والدي لقد أخبرت الكرخي بموضوع هذا الخضوري فأجابني:- يابه رحّومي (وهكذا كان ينادي والدي على الطريقة البغداديه)معقوله تِرهَم!؟إلِخضيري يدفع والخضوري ما يدفع؟ وكان يقصد بالخضيري أحد وجهاء العمارة الأغنياء . ثم أردف قائلاً لوالدي:- لا تداعيه بالمبلغ واتركه لي.. آني أعرف شغلي وياه... فما كان من الكرخي سوى ان أرسل برقية الى صحيفته في بغداد.. ووصل العدد الى العمارة بعد يومين يتصدّره هذا البيت من الشعر اللاذع بحق خضوري... مع ملاحظة مهمة تقول:- أمّا بقية القصيدة فسوف تنشر في العدد القادم.. (وهنا يكمن بيت القصيد في الموضوع؟).. فما كان من خضوري إلاّ الإسراع لوالدي وتسليمه القسط القادم مع المتأخر من القسط السابق قائلاً:- ابدالك عبدالرحيم(أي دخيلك).. إستر عليّ هاك مبلغ القسط القادم مع المتأخر من القسط السابق بس خلّصني من لســان الكرخي!... استهواني هذا البيت الطريف وكنت في اول عهدي بالشعر فنظمت عليه هذه المقطوعة الظريفة الطريفة من النقدالساخر.
بعدها اتصلت بالاستاذ حسين حاتم عبود الكرخي..كاتب سيرة جده الكرخي الكبير والناشر لدوواينه الثاني والثالث والرابع (كون ان الأول نشر في حياة الشاعر ) وحكيت له القصة .. وتفاجأت عندما علمت منه ان جدّه قد نظم القصيدة بحق خضوري عكّه وهي موجودة بين مئات القصائد المخزونة والتي لم تنشر وهي من الرباعيات..وبعد أن أسمعته مقطوعتي.. أثنى عليها واستبشر وقال لي:- جدنا الكرخي لم يرحَـل وإليكم تكملة للبيت الذي كنت اعتقد أنه وُلِدَ يتيماً. كان حديثي مع والدي وحفيد الكرخي في نهايةعام 1995 ولم يمضي على ممارستي لنظم الشعر سوى شهرين..( همداني تعني:- نعـال رخيص..ثقيل الوزن كان يستعمل في بدايات القرن الماضي.أما قران سِكّه :- فهي كنــية كانت تطلق على البخيل ( الـﮕـِحِفْ).
__________________________________
خْـضوري عِـكّـه
هَـمَـداني.. قْـرانْ سِـكّـه بِـلِعْماره خْـضوري عِـكّه
ﮔِـحِف وُ اٌمَّـلِّخـه هْـدومه اٌمْنِ الوُصَخْ لازِمْـته حَـكّه!
بَـسْ سِـمَـعْ واحِـد إجـاله قُـفَـل جزْدانه وْ مَـفَـكّه
واليِـنِـشْده اٌيْـلَعِّـب اِيـده يِـنِّغِزْ ﭽَـنْ بُـبْره ﭽَـكّه
تِـنْجـبُـرْ.. تِقـتِرضْ مِـنّه ساعه ما يِـنْـطي مَـفَـكّه
يِـلْـزَك وْ خُـفّـاشْ ﭽَـنّه بِالـمُـري ... لازم تـفُـكّه
يِـقْـفُل اٌوْ ياك اٌِبْـكَـلَبـﭽﻪ جِـيـبْ مفـتاح اليِـفُـكّـه
وْ لو تِسِأْله :- خْضوري...أجِّـل دَينَـك .. اٌ تْـلََعْـثَم تِـلَـكّه
وْ لو تُوَسِّـطْـله وْ تِحِـرجه...اٌيْـمَـتْمِت...اٌبْـلَهْجِـته رِكّـه
تِزهَـﮓ وْ لُوْ ﮔِـتْـله أعْور يِبْـﭽـي وِ يْروح اٌ يْـتِشَـكّه
حَـتّىَ بالنـظراتْ...يِـبْخَـلْ يِـفـتَح اللي بِـيهه لِـكّـه!!
خُـبز يابِـس...حـافْ أَكْــلـه..اٌبَّـطْنه ما نِزلَت التِـكّـه
حْـسابه للواحِـد وْ يوﮔَـفْ ( سَيه جِهار ) اٌيْـﮕولْ يَـكّه
كافِـر الحَـطْ إيْـده بِـيـده حِجِّـته تـبْـطَل اٌبْـمَـكّـه
الرحمـــــــ داود ــــــــاني
drahmani2004@yahoo.com
بغداد – كانون الأول 1995م ألقُـيَـتْ في عدّة منتديات..المقطوعة من مجزوء بحر الرمَل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق