أبو الحسن صلاحسلاما أيتها الأهوار.... قد يبدو هذا عنوانا متميزا لرواية تتحدث عن طيف من شعبنا امتاز بالطيبة والبساطة والأصالة أو هو اسم ديوان شعر شعبي يتغنى بقصب الهور الذهبي وسكونه السرمدي
ولكن كل تلك الافتراضات تتلاشى عندما نتصفح كتاب جبار الجويبراوي (سلاماً أيتها الاهوار ) والموسوم على انه (لمحات تاريخية وجغرافية وتراثية) والصادر عام 1993 من دار الشؤون الثقافية بوزارة الاعلام ليكون من الوثائق المهمة التي ساهمت في دعم انتفاضة آذار الشعبية عام 1991 والمدافعة عن كرامة العراقيين وبالتحديد أهلنا في اهوار العراق .ففي زمن العتمة التي خيمت على الوطن لردح من الزمن كانت هناك عدة محاولات للنظام المباد لتزييف التاريخ وتغيير جغرافية سكانه مثل عمليات تغيير هوية سكان شمال الوطن ،و بعد الانتفاضة الشعبية التي عمت غالبية مناطق العراق والتي اشتعل فتيلها بعد خروج القوات العراقية من ارض الكويت وما صاحبها من نكسات عسكرية انبرت جريدة الثورة من خلال سلسلة من افتتاحياتها لتصب نار فشل النظام واخفاقته على أهلنا في الجنوب لتطعن في عروبتهم وقيمهم وشرفهم وتاريخهم بل تعدى ذلك الى أصول (جواميسهم).وبالتأكيد إن مثل هذه الافتتاحيات أثارت استياء ممزوجا بالسخرية لدى الشعب العراقي وأصبحت حديث المجالس والمضايف وان كان اغلبها همساً بسبب أساليب القمع التي تمارسها السلطة لكل صوت شريف معارض لتلك الأطروحات الخائبة. ولكن هذا لم يمنع من ان يقوم البعض بالتعبير عن رفضهم لهذا التزييف وبطرق لا يمكن للنظام أن يضعها في القائمة السوداء، ويقف في مقدمة تلك المحاولات إصدار كتاب ( سلاماً أيتها الاهوار) للجويبراوي الذي عرفناه شاعراً شعبياً متميزاً في ميسان قبل أن يلج عالم الكتابة في التراث والفلكلور الشعبي عبر مئات المقالات والعديد من الكتب، وهو الرجل الذي لم ولن يمتهن السياسة أو التحزب بقدر ما احترف وتولع بحب العراق وأهله وتاريخه وتراثه ، ففي الوقت الذي كان العديد يمارسون الصمت خوفاً صدر كتاب الجويبراي الذي يجيب عن العديد من التساؤلات حول تاريخ أهلنا في جنوب العراق وبأسلوب علمي موثق بالدلالة والوثيقة والشواخص التاريخية ويطغى عليه الحس الشعبي فهو غالباً ما يستشهد بنبض الشعب المتمثل بالشعر الشعبي، فهو يصف أهزوجة ( اكحيل أمصلصل من عمه وخاله) عندما يؤكد على أن (عرب الاهوار لا يتزوجون من خارج بيئتهم وهذا يؤكد أنهم احتفظوا بنقائهم وأصولهم وهويتهم العربية) ويستشهد في موقع أخر عن مكنونات إنسان الهور مذكراً ( بفدعة الزريجية ) ومضيف أخيها ابن علي الصويح أحد حكماء الهور الذي وصفته:عالي مضيفه وشحــلاتهوروس الحـراثي اموافجاتهاخوي الثلاثة امرافجاتهالكرم والمراجل والصماتهاخـــوي جاراته خواتهاخوي العبد والضيف اغاته ومن ناحية أخرى يعزز الجويبراوي قدم تاريخ وجود القصب ذلك النباتً الذهبي الذي رافق سكان الهور منذ خلقهم مستشهدا باللوح الحادي عشر من ملحمة كلكامشأسمع يا كوخ القصبيا جدار يا جداراسمع يا كوخ القصب وافهم يا حائط ويهزأ الجويبراوي من الادعاء الذي يقول ان الجاموس جيء به من الهند ليعيش في اهوار العراق ويؤكد على أن هذا الحيوان المنتج كان موجودا قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام يسبح في مياه اهوار الجنوب والذي ( تردد اسمه في ملحمة كلكامش وتكرر تصويره على الألواح والأختام لأعمال كلكامش البطولية الذي يقاتل بها الجاموس الوحشي).أما مشحوف الجويبراوي الذي يتراقص على وجه مياه الهور هو نفسه الذي ( كان يستعمله السومريون في مستوطنهم في جنوب العراق وصوروه على نقوشهم التي ترجع إلى أقدم الأزمنة) و يقطع مسرعاً في اليوم الواحد خمسين أو ستين ميلاً من مياه الاهوار بكل سهولة ويغني دافوعه:مشحوفنه طر الهور.... يسبك بمشيه الماطوروالمشاحيف هي الوسيلة الوحيدة لانتقال سكنة الهور الاصلاء ( وهم أبناء العراق وان المساس بترابه الوطني هو مساس بكرامتهم... ومن يتصفح تاريخ العراق القديم والحديث يجد أن أبناء عشائر الجنوب قدموا تضحيات كثيرة خلال الحكم البويهي والسلجوقي والعثماني والانكليزي) ويروي لنا الجويبراوي قصصاً عديدة عن بطولات أهل الهور ويذكرنا بأهزوجة ذلك الجنوبي الذي غمس حديد فالته في جسد الجندي الانكليزي الغازي وهو يطالبه بإعادتها إليه ويردد:-(مشكول الذمة عله الفاله) ويعزز الجويبراوي دراسته الأكاديمية الرائعة بشواهد عديدة تدل على الوعي السياسي لأبناء الهور الذين كانوا دائماً الحاضنة لكل معارضي الأنظمة المستبدة ومنهم صويحب ذلك الجنوبي الذي اغتيل وهو يجذف مع هموم الفقراء من أبناء الجنوب فاحتضنه الهور واختلط دمه بمياهه جاعلا من مشحوفه المنساب بين موجات الصدق والطيبة تابوته مشيعاً من طيور الهور ( الخضيري، أم سكه، الغرنوق، طائر البجع) وتراتيل مظفر النواب برائعته:لا تفرح بدمنه هنا يا لقطاعي .... اصويحب من يموت المنجل إيداعيوفي الختام أن كتاب ( سلاماً أيتها الاهوار) لجبار الجويبراوي هو إسهامة حقيقية وناطق صادق للدفاع عن أهل الأهوار وإنارة تاريخهم والمساهمة في الاطلاع على حاضرهم والتأكيد على أنهم أناس سكنوا اهوار العراق قبل بزوغ الحضارات وساهموا في بنائها ولم تغيرهم بعض الوسائل الحديثة، أنهم مؤمنون بربهم الواحد الأحد ورسوله العربي وال بيته الأطهار وصحبه الأبرار ومتمسكون بالقيم الأخلاقية في الشجاعة والمروءة والنخوة والطيبة والكرم والصدق .. والجويبراوي يدعونا دائماً إلى ان(الرحلة في الهور تمثل طوفاناً حقيقياً كغسل الروح وتنقية النفس من أدرانها) ولهذا تعلمنا من جبار الجويبراوي ان الزمن مثل الكرة الارضية يدور بالجميع فيسقط الجبابرة والطغاة ويخلد الشجعان والحفاة.
ولكن كل تلك الافتراضات تتلاشى عندما نتصفح كتاب جبار الجويبراوي (سلاماً أيتها الاهوار ) والموسوم على انه (لمحات تاريخية وجغرافية وتراثية) والصادر عام 1993 من دار الشؤون الثقافية بوزارة الاعلام ليكون من الوثائق المهمة التي ساهمت في دعم انتفاضة آذار الشعبية عام 1991 والمدافعة عن كرامة العراقيين وبالتحديد أهلنا في اهوار العراق .ففي زمن العتمة التي خيمت على الوطن لردح من الزمن كانت هناك عدة محاولات للنظام المباد لتزييف التاريخ وتغيير جغرافية سكانه مثل عمليات تغيير هوية سكان شمال الوطن ،و بعد الانتفاضة الشعبية التي عمت غالبية مناطق العراق والتي اشتعل فتيلها بعد خروج القوات العراقية من ارض الكويت وما صاحبها من نكسات عسكرية انبرت جريدة الثورة من خلال سلسلة من افتتاحياتها لتصب نار فشل النظام واخفاقته على أهلنا في الجنوب لتطعن في عروبتهم وقيمهم وشرفهم وتاريخهم بل تعدى ذلك الى أصول (جواميسهم).وبالتأكيد إن مثل هذه الافتتاحيات أثارت استياء ممزوجا بالسخرية لدى الشعب العراقي وأصبحت حديث المجالس والمضايف وان كان اغلبها همساً بسبب أساليب القمع التي تمارسها السلطة لكل صوت شريف معارض لتلك الأطروحات الخائبة. ولكن هذا لم يمنع من ان يقوم البعض بالتعبير عن رفضهم لهذا التزييف وبطرق لا يمكن للنظام أن يضعها في القائمة السوداء، ويقف في مقدمة تلك المحاولات إصدار كتاب ( سلاماً أيتها الاهوار) للجويبراوي الذي عرفناه شاعراً شعبياً متميزاً في ميسان قبل أن يلج عالم الكتابة في التراث والفلكلور الشعبي عبر مئات المقالات والعديد من الكتب، وهو الرجل الذي لم ولن يمتهن السياسة أو التحزب بقدر ما احترف وتولع بحب العراق وأهله وتاريخه وتراثه ، ففي الوقت الذي كان العديد يمارسون الصمت خوفاً صدر كتاب الجويبراي الذي يجيب عن العديد من التساؤلات حول تاريخ أهلنا في جنوب العراق وبأسلوب علمي موثق بالدلالة والوثيقة والشواخص التاريخية ويطغى عليه الحس الشعبي فهو غالباً ما يستشهد بنبض الشعب المتمثل بالشعر الشعبي، فهو يصف أهزوجة ( اكحيل أمصلصل من عمه وخاله) عندما يؤكد على أن (عرب الاهوار لا يتزوجون من خارج بيئتهم وهذا يؤكد أنهم احتفظوا بنقائهم وأصولهم وهويتهم العربية) ويستشهد في موقع أخر عن مكنونات إنسان الهور مذكراً ( بفدعة الزريجية ) ومضيف أخيها ابن علي الصويح أحد حكماء الهور الذي وصفته:عالي مضيفه وشحــلاتهوروس الحـراثي اموافجاتهاخوي الثلاثة امرافجاتهالكرم والمراجل والصماتهاخـــوي جاراته خواتهاخوي العبد والضيف اغاته ومن ناحية أخرى يعزز الجويبراوي قدم تاريخ وجود القصب ذلك النباتً الذهبي الذي رافق سكان الهور منذ خلقهم مستشهدا باللوح الحادي عشر من ملحمة كلكامشأسمع يا كوخ القصبيا جدار يا جداراسمع يا كوخ القصب وافهم يا حائط ويهزأ الجويبراوي من الادعاء الذي يقول ان الجاموس جيء به من الهند ليعيش في اهوار العراق ويؤكد على أن هذا الحيوان المنتج كان موجودا قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام يسبح في مياه اهوار الجنوب والذي ( تردد اسمه في ملحمة كلكامش وتكرر تصويره على الألواح والأختام لأعمال كلكامش البطولية الذي يقاتل بها الجاموس الوحشي).أما مشحوف الجويبراوي الذي يتراقص على وجه مياه الهور هو نفسه الذي ( كان يستعمله السومريون في مستوطنهم في جنوب العراق وصوروه على نقوشهم التي ترجع إلى أقدم الأزمنة) و يقطع مسرعاً في اليوم الواحد خمسين أو ستين ميلاً من مياه الاهوار بكل سهولة ويغني دافوعه:مشحوفنه طر الهور.... يسبك بمشيه الماطوروالمشاحيف هي الوسيلة الوحيدة لانتقال سكنة الهور الاصلاء ( وهم أبناء العراق وان المساس بترابه الوطني هو مساس بكرامتهم... ومن يتصفح تاريخ العراق القديم والحديث يجد أن أبناء عشائر الجنوب قدموا تضحيات كثيرة خلال الحكم البويهي والسلجوقي والعثماني والانكليزي) ويروي لنا الجويبراوي قصصاً عديدة عن بطولات أهل الهور ويذكرنا بأهزوجة ذلك الجنوبي الذي غمس حديد فالته في جسد الجندي الانكليزي الغازي وهو يطالبه بإعادتها إليه ويردد:-(مشكول الذمة عله الفاله) ويعزز الجويبراوي دراسته الأكاديمية الرائعة بشواهد عديدة تدل على الوعي السياسي لأبناء الهور الذين كانوا دائماً الحاضنة لكل معارضي الأنظمة المستبدة ومنهم صويحب ذلك الجنوبي الذي اغتيل وهو يجذف مع هموم الفقراء من أبناء الجنوب فاحتضنه الهور واختلط دمه بمياهه جاعلا من مشحوفه المنساب بين موجات الصدق والطيبة تابوته مشيعاً من طيور الهور ( الخضيري، أم سكه، الغرنوق، طائر البجع) وتراتيل مظفر النواب برائعته:لا تفرح بدمنه هنا يا لقطاعي .... اصويحب من يموت المنجل إيداعيوفي الختام أن كتاب ( سلاماً أيتها الاهوار) لجبار الجويبراوي هو إسهامة حقيقية وناطق صادق للدفاع عن أهل الأهوار وإنارة تاريخهم والمساهمة في الاطلاع على حاضرهم والتأكيد على أنهم أناس سكنوا اهوار العراق قبل بزوغ الحضارات وساهموا في بنائها ولم تغيرهم بعض الوسائل الحديثة، أنهم مؤمنون بربهم الواحد الأحد ورسوله العربي وال بيته الأطهار وصحبه الأبرار ومتمسكون بالقيم الأخلاقية في الشجاعة والمروءة والنخوة والطيبة والكرم والصدق .. والجويبراوي يدعونا دائماً إلى ان(الرحلة في الهور تمثل طوفاناً حقيقياً كغسل الروح وتنقية النفس من أدرانها) ولهذا تعلمنا من جبار الجويبراوي ان الزمن مثل الكرة الارضية يدور بالجميع فيسقط الجبابرة والطغاة ويخلد الشجعان والحفاة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق